حکم تعلّق النهی بالجزء
إذا تمهّد لک محطّ البحث ، فلعلّ عدم اقتضاء الفساد من القضایا التی قیاساتها معها ؛ ضرورة أنّ النهی إذا تعلّق بجزء الصلاة مثلاً ، فلا یکاد یحکی إلاّ عن مبغوضیة متعلّقه ، لا الإرشاد إلی مانعیته ، والمفروض أنّه لم تکن جهة اُخری محطّاً للبحث ، کالزیادة فی المکتوبة ، أو النقصان فیها ، وواضح أنّ مجرّد إتیان شیء مبغوض لیس جزءً للصلاة فعلاً ـ بلحاظ تعلّق النهی به ، وإلاّ یکون جزءً ـ لا یوجب فسادها .
وبالجملة : مبغوضیة جزء العبادة ، توجب فساد نفس الجزء لا الکلّ ، ولا تسری إلیه ، ولو کان قابل التدارک یأتی به ثانیاً .
نعم ، لو اکتفی بالجزء العبادی المنهی عنه ، لأوجب فساد الکلّ وبطلانه ؛ لأجل عدم الإتیان بالجزء ، لا لأجل مبغوضیة الکلّ بسبب تعلّق النهی بجزئه .
وممّا ذکرنا یظهر : أنّ ما أفاده المحقّق النائینی قدس سره فی اقتضائه الفساد ، خارج عن محطّ الکلام ، لأنّه ذکر :
تارة : أنّ مقتضی النهی عن جزء هو تقیید العبادة بما عدا ذلک الجزء ، ولا محالة تکون بالنسبة إلیه بشرط لا ، ونفس اعتبار العبادة بشرط لا عن شیء ، یقتضی فساد العبادة الواجدة لذلک الشیء .
واُخری : أنّ الإتیان بالجزء المنهی عنه ، زیادة فی المکتوبة ، فتشمله أدلّة الزیادة ، فتفسد .
وثالثـة : أنّـه کلام آدمی ، أو کلام غیر قرآنی ، أو غیر جائز ، فیقتضی الفساد .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 191 حیث عرفت : أنّ مجرّد مبغوضیة الجزء یوجب مبغوضیة الکلّ ، وهو یجری وإن لم یکن هناک دلیل علی تقیید العبادة بعدمه ، أو عدم مبطلیة الزیادة ، وعدم مبطلیة کلام الآدمی ، أو الکلام غیر القرآنی ، وغیر الذکر الجائز .
وبالجملة : لو کنّا نحن وأدلّة تحریم قراءة سور العزائم فی الصلاة فقط ، ولم یکن دلیل یستفاد منه تقیید الصلاة بعدمها ، ولا مبطلیة الزیادة فی الصلاة ، ولا علی مبطلیة کلام الآدمی ، أو الکلام غیر القرآنی وغیر الذکر الجائز ، فهل مجرّد إتیانها مع إتیان الصلاة بتمام أجزائها وشروطها یوجب بطلانها ، أم لا؟ وواضح أنّه بمجرّد ذلک لا یقتضی الفساد ، بل غایة ما هناک هو أنّه أتی بالعبادة مع شیء مبغوض . هذا فی الجزء ، والأمر فیه واضح کما أشرنا .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 192