المورد الثانی : فی مقتضی الأصل فی المسألة الفرعیة
لو کان متعلّق النهی المعاملة ، فمقتضی الأصل عند الشکّ فی اقتضائه الفساد ، عدم ترتّب الأثر علی المعاملة المنهی عنها ؛ وعدم انتقال المثمن إلی المشتری ، وعدم انتقال الثمن إلی البائع مثلاً .
ولو کان متعلّق النهی العبادة ، فلابدّ وأن یفرض الکلام فی مورد تعلّق النهی بنفس العبادة أو بجزئها ، وشکّ فی اقتضائه فساد متعلّقه . فما یوجد فی بعض الکلمات من التمسّک بقاعدة الفراغ ، أو إرجاع الشکّ إلی الشکّ فی الأقلّ والأکثر ـ من جهة أنّه هل تعلّق النهی بذات العبادة ، أو بخصوصیة ما ، کوقوعها فی مکان خاصّ ـ فأجنبی عن المقام ؛ لأنّ الکلام لیس فی مانعیة شیء عن الصلاة أو شرطیته لها ، بل فی اقتضاء النهی الفساد بعد الفراغ عن تعلّقه بذات العبادة قطعاً .
وکیف کان : إذا تعلّق النهی بذات عبادة أو جزئها ، وشکّ فی اقتضائه الفساد ، فهاهنا فرضان :
فإمّا أن یحرز بنحو ما وجود الملاک فی العبادة ، کالنهی المتعلّق بها من قِبل الأمر بالضدّ ، فإنّ الأمر بالضدّ لو اقتضی النهی عن ضدّه ، ولکن لا یکشف هذا النهی عن عدم الملاک فی متعلّقه ، بل غایته هو أنّه عند الأمر بالأهمّ یکون المهمّ منهیاً عنه .
فحینئذٍ إمّا أن نقول بمقالة الشیخ البهائی وصاحب «الجواهر»
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 157 وغیرهما رحمهم الله : من أنّه یعتبر فی صحّة العبادة وجود الأمر ؛ وأنّ عدم الأمر یکفی فی فساد العبادة ، فحیث إنّها عند تعلّق النهی بها لا یکون هناک أمر ، تقع فاسدة .
وإمّا أن نقول بکفایة وجود الملاک فی صحّة العبادة ، فیکون مرجع الشکّ إلی مانعیة النهی عن صحّة الصلاة وعدمها ، فالشکّ فی الحقیقة فی الأقلّ والأکثر وفی مانعیة النهی عن العبادة بعد تعلّقه بها ، وهذا مجری البراءة ، أو الاحتیاط .
والفرق واضح بین المقام والمقام السابق الذی أبطلنا فیه التمسّک بالبراءة .
وإمّا أن لا یحرز الملاک ونشکّ فی تحقّقه ، فالأصل یقتضی الفساد ؛ لأنّ المصحّح للعبادة إمّا الملاک ، أو الأمر ، والأمر لا یجتمع مع النهی فی عنوان واحد ، ومع عدمه لا طریق لإحراز الملاک .
فتحصّل : أنّ مقتضی الأصل فی المسألة الفرعیة لو تعلّق النهی بالعبادة ، صحّتها علی بعض التقادیر ، وفسادها علی بعض آخر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 158