توهّم تطرّق الجعل إلی الصحّة والفساد الظاهریین ودفعه
قد توهّم تطرّق الجعل إلی الصحّة والفساد الظاهریین ، ولعلّه یظهر من المحقّق الخراسانی قدس سره حیث قال : «إنّ سقوط الإعادة والقضاء ، ربما یکون مجعولاً وکان الحکم به تخفیفاً ومنّة علی العباد ، مع ثبوت المقتضی لثبوتهما ، کما عرفت فی مسألة الإجزاء ، کما ربما یحکم بثبوتهما ، فیکون الصحّة والفساد فیه حکمین مجعولین ، لا وصفین انتزاعیین» .
وفیه : أنّه وإن کان المقتضی لثبوت الإعادة أو القضاء فی بعض الموارد موجوداً فی حدّ نفسه ، ولکن قیام الأمارة علی خلافه یوجب رفع الید عن اقتضاء ذلک ، مثلاً الصلاة بلا سورة وإن لم تکن واجدة للمصلحة ، لذا فمن أتی بها بلا سورة یلزم علیه
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 153 أن یعیدها أو یقضیها ، ولکنّ قیام دلیل «لا تعاد . . . » علی عدم وجوب الإعادة عند ترک السورة سهواً أو نسیاناً أو جهلاً ، یقتضی رفع الید عن جزئیة السورة عند طروّ تلک الحالات ، وإلاّ فلا یکاد یعقل أن تکون الصلاة صحیحة عند ترک السورة مع حفظ جزئیة السورة حتّی حال السهو والنسیان والجهل .
وبالجملة : من قامت عنده الأمارة علی عدم جزئیة السورة مثلاً ، أو کان ذلک مقتضی الأصل ، فلم یأتِ بها المصلّی فی الصلاة مع اعتبار السورة فیها واقعاً ، فلا یوجب ذلک مجعولیة سقوط الإعادة أو القضاء ، بل لابدّ من رفع الید عن جزئیة السورة بنفس قیام الأمارة أو الأصل علی خلافه ؛ أی لابدّ من التصرّف فی منشأ الانتزاع ، وإلاّ فلا یکاد یعقل انتزاع الصحّة من الصلاة بدون السورة مع اعتبارها فیها فی جمیع الأحوال ؛ حتّی عند قیام الأمارة أو الأصل علی عدمها .
فظهر : أنّ سقوط الإعادة أو القضاء ، منتزع من رفع الید عن جزئیة السورة عند قیام الأمارة أو الأصل علی خلافها ، فلا معنی لجعل الصحّة الظاهریة بدون تصرّف فی منشأ الانتزاع ؛ ولو فی ظرف الشکّ وبحسب الظاهر .
نعم ، للشارع الحکم بجواز ترتیب آثار الصحّة أو وجوب الإعادة عند الشکّ ، وهما وإن کانا قابلین للجعل ، ولکنّه غیر جعل الصحّة بنفسها . ولکنّ الظاهر أنّ جواز ذلک أو إیجابه ـ بدون رفع الید عن الجزئیة ـ غیر ممکن ، ومعه یکون الانطباق قهریاً ، ولعلّ القائل بالجعل هاهنا خلط بین الأمرین ، فتدبّر .
فتحصّل ممّا ذکرنا : أنّ الصحّة والفساد بمعنی واحد فی جمیع الموارد ؛ حتّی فی
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 154 الظاهریة منهما ، والمراد بهما مطابقة المأتی للمأمور به وعدمها ، بداهة أنّ مطابقة المأتی به بالنسبة إلی الحکم الظاهری ، هی مثل مطابقة المأتی به للمأمور به بالأمر الواقعی . وأمّا بالنسبة إلی الإجزاء عن المأمور به بالأمر الواقعی ، فلابدّ للقائل بالإجزاء من تقیید المأمور به بالأمر الواقعی بعدم قیام الأمارة أو الأصل علی خلافه ، فعند ذلک یتطابق المأمور به بالأمر الظاهری مع المأمور به بالأمر الواقعی ، فتدبّر .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 155