المطلب الرابع: فی عدم اختصاص الفساد بالفساد الناشئ عن قصور المقتضی
الظاهر تعمیم «الفساد» المبحوث عنه فی المسألة إلی الفساد الواقعی الناشئ عن قصور فی المصلحة ، والفساد الناشئ عن قصور فی التقرّب به مع عدم قصور فی المصلحة المقتضیة للأمر به واقعاً .
ولکن یظهر من المحقّق العراقی قدس سره : أنّ «الفساد» المبحوث عنه فی هذه
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 141 المسألة ، هو الفساد الواقعی الناشئ عن قصور فی المصلحة ، لا الفساد الناشئ عن قصور فی التقرّب به مع عدم قصوره فی المصلحة المقتضیة للأمر به واقعاً ، نظیر النهی المتعلّق بشیء من الأمر بضدّه .
وقد تمسّک قدس سره لذلک بالظهور ؛ بدعوی ظهور العنوان فی اقتضاء النهی بوجوده الواقعی للفساد ، لا المعنی الثانی ، إلاّ أن تقوم علیه قرینة ، وعلی هذا یکون هذا البحث راجعاً إلی باب التعارض والتکاذب بین الأدلّة ، لا باب التزاحم ، فیکون الفرق بین هذه المسألة ومسألة الاجتماع فی غایة الوضوح ؛ لکون النزاع هناک فی المتزاحمین .
نعم ، لو جعلنا «الفساد» فی العنوان أعمّ من الفساد التقرّبی ، فلا محیص من جعل مسألة الاجتماع ـ بناءً علی الامتناع ـ من صغریات هذه المسألة . . . إلی أن قال : إذا توجّه نهی إلی موضوع الأمر فلا نزاع لأحد فی منعه عن التقرّب بمثله ، بل لا أمر له حینئذٍ ویکون مبعّداً محضاً بنهیه ، فکیف یتقرّب به؟! وحینئذٍ لا یبقی مجال للبحث عن هذا الفساد ، وهذا شاهد آخر لعدم شمول «الفساد» فی العنوان للفساد التقرّبی ، فینحصر الفساد فیه بالفساد الواقعی الناشئ عن قصور فی المقتضی ، انتهی محرّراً .
وفیه أوّلاً : أنّه لا وجه لتخصیص النزاع بالفساد الناشئ عن قصور فی المقتضی بعد عموم البحث بالنسبة إلی النهی التحریمی والتنزیهی ؛ لوضوح أنّ تعلّق النهی التنزیهی بشیء ، لا یوجب حزازة ومنقصة فی جانب المقتضی ، کما لا یخفی .
وثانیاً : أنّ قوله «لا نزاع لأحد فی منعه عن التقرّب بمثله» غیر سدید ؛ لأنّ أبا حنیفة والشیبانی ـ کما سیجیء قولهما وردّهما ـ صرّحا بأنّ النهی إذا تعلّق بشیء یدلّ علی صحّته .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 142