المطلب الأوّل : فی عنوان البحث
اختلف عنوان البحث فی کلمات القوم ، فعنون المشهور : «بأنّ النهی عن الشیء هل یقتضی فساده ، أم لا؟» وعنون بعض کما فی «الفصول» : «بأنّ النهی إذا تعلّق بشیء ، هل یدلّ علی فساده ، أم لا؟» .
وحیث إنّ کلا العنوانین لا یخلوان من المسامحة ، غیّرنا عنوان البحث إلی أنّ النهی عن الشیء ، هل یکشف عن فساده ، أم لا؟ وذلک لأنّ الظاهر من «الاقتضاء» هو أن یکون للشیء نحو تأثیر وسببیة ، ومن المعلوم أنّ النهی لیست له هذه الشأنیة ، إلاّ أن یراد بـ «الاقتضاء» غیر معناه الظاهر فیه .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 139 وبعبارة اُخری : النهی غیر مؤثّر فی الفساد ، ولا علّة له ، بل هو إمّا دالّ علیه ، أو کاشف عن مبغوضیة المتعلّق التی تنافی الصحّة .
وأمّا المسامحة فی تعبیر صاحب «الفصول» قدس سره فلأنّ الظاهر من «الدلالة» الدلالة اللفظیة ، وقد تقدّم عدم کون الدلالة الالتزامیة من دلالة الألفاظ . ولو سلّم کونها منها فمع هذا یشترط فیها کون اللزوم بیّناً ؛ بنحو لو تصوّر الملزوم لزم منه تصوّر اللازم ، کالزوجیة بالنسبة إلی الأربعة ، واللزوم فی المقام خفی ، ولذا لم یفهمه إلاّ بعضهم .
وبالجملة : لابدّ فی الدلالة الالتزامیة ـ بعد تسلیم کونها من الدلالة اللفظیة ـ من اللزوم الذهنی ، فلا تشمل الملازمات العقلیة الخفیة ، کما فی المقام .
هذا مع أنّ مدعی الفساد ، لا یقتصر فی مقام إثبات مدعاه علی الدلالة اللفظیة ، بل یتمسّک بوجوه عقلیة أیضاً .
أضف إلی ذلک : أنّ البحث لیس مقصوراً علی النواهی اللفظیة ، بل یجری فیما إذا فهم النهی من دلیل لُبّی ، کالإجماع مثلاً .
فظهر : أنّ عنونة البحث بـ «دلالة النهی علی الفساد» غیر تامّ ، إلاّ أن یراد بـ «الدلالة» مطلق الکشف ولو بنحو اللزوم الخفی ، فیرجع إلی ما ذکرناه .
فالأولی عنونة البحث بما ذکرنا : من أنّ النهی ـ لفظیاً کان أو غیره ـ عن عبادة أو معاملة ، هل یکشف عن الفساد بالکشف الأعمّ من اللفظی والعقلی ، أم لا؟
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 140