الأمر الثامن فی ثمرة بحث الاجتماع علی القول بالامتناع
لو قلنا بامتنـاع الاجتماع ، ورجّـحنا جانب الأمـر ، فإذا لم تکن هنـاک مندوحة ولم یتمکّن من الامتثال فی غیر الدار المغصوبة ، فتصحّ صلاته فیها من دون عصیان .
وأمّا إذا کانت هناک مندوحة وتمکّن من الامتثال فی غیر الدار المغصوبة ، فلا تصحّ صلاته فیها ؛ لأنّ مزاحمة ملاک الصلاة لملاک الغصب وتقدیم جانب الصلاة
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 59 لأهمّیتها ، لا یقتضی أزید من سقوط ملاک الغصب عن التأثیر فی صورة دوران الأمر بین امتثال الصلاة ومخالفة النهی ، فلو تمکّن من امتثال الأمر بإتیان الصلاة خارج الدار المغصوبة ، فلا وجه لسقوط ملاک النهی عن التأثیر .
وبالجملة : فی صورة وجود المندوحة ، لا وجه لتقیید ملاک النهی المتعلّق بالغصب بملاک الصلاة مطلقاً ؛ لعدم دوران الأمر بینهما ، بل مقتضی الجمع بین الفرضین ، تقیید الصلاة عقلاً أو شرعاً بغیر محلّ الغصب ، فلا تصحّ صلاته فیها ، وتکون صلاته فیها تصرّفاً عدوانیاً .
فالقول بصحّة الصلاة فی الدار المغصوبة بقول مطلق فی صورة ترجیح جانب الأمر ـ کما یظهر من المحقّق الخراسانی قدس سره ـ لیس فی محلّه ، ولعلّه أیضاً لا یرید ظاهر کلامه ، فتدبّر .
وأمّا بناءً علی الامتناع وترجیح جانب النهی ، فلا مجال لصحّة الصلاة فیها ؛ من غیر فرق بین صورة العلم بالحکم والجهل به ، تقصیراً أو قصوراً ؛ وذلک لأنّ صحّة الصلاة علی الملاکات ، تتوقّف علی تمامیة أمرین ، فإن تمّا تصحّ الصلاة بقسمیه ، وإلاّ فلا کذلک :
الأوّل : وجود ملاک الصلاة مع ملاک الغصب فی مورد الاجتماع .
الثانی : إمکان التقرّب بالملاک المرجوح وصحّة کون ذلک مصحّحاً لعبادیة العبادة .
ولکن تمامیة الأمر الأوّل مشکلة ؛ لأنّ تمامیته مساوقة للقول بجواز الاجتماع ، وذلک لأنّه لو أمکن رفع التضادّ بین ملاک الصلاة وملاک الغصب باختلاف الحیثیتین ؛ وأنّ حیثیة الصلاتیة غیر حیثیة الغصبیة واقعاً ، بحیث یکون الترکیب بینهما ـ کما یـراه
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 60 المحقّق النائینی قدس سره ـ انضمامیاً ، فلا بـدّ وأن یقال بجواز الاجتماع ، لأنّ التضادّ بین الأحکام لم یثبت عنـد کثیر مـن الأصحاب ، ونحن منهم .
وبعبارة اُخری : إمّا یکون لنا حیثیتان واقعیتان ، ویکون الترکیب انضمامیاً ، أو لا ، فعلی الأوّل فلابدّ وأن یقال بجواز اجتماع الأمر والنهی ، ولا سبیل إلی اختیار الامتناع ، کما لا یخفی ، وعلی الثانی یکون الترکیب اتحادیاً ، ویکون متعلّق الأمر عین متعلّق النهی ، وذلک غیر جائز ، فلا یمکن تصویر ملاکین ، فلابدّ وأن یقال بالامتناع ، فعلیه إن رجّحنا جانب النهی فمقتضاه عدم وجود ملاک للمرجوح ، فتبطل الصلاة ؛ لعدم الملاک لها حسب الفرض ، ومن المعلوم أنّه لا دخالة للعلم والجهل تقصیراً أو قصوراً فی ذلک .
کتابجواهر الاصول (ج. ۴): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 61