المقدمة وتشتمل علی اُمور
الکلام فیه وتحقیق ما هو الحقّ فی المقام یحتاج إلی تقدیم اُمور
الأمر الثالث : أصل المشتقّات والخلاف فیه
نسخه چاپی | ارسال به دوستان
برو به صفحه: برو

نوع ماده: کتاب فارسی

پدیدآورنده : تقوی اشتهاردی، حسین

محل نشر : تهران

ناشر: موسسه تنظیم و نشر آثار امام خمینی(ره)

زمان (شمسی) : 1385

زبان اثر : عربی

الأمر الثالث : أصل المشتقّات والخلاف فیه

الأمر الثالث : أصل المشتقّات والخلاف فیه

‏اختلفوا فی أنّ أصل المشتقّات ومبدأها هل هو المصدر، کما هو مذهب اُدباء‏‎ ‎‏البصرة‏‎[1]‎‏، أو الفعل کما هو مذهب اُدباء الکوفة‏‎[2]‎‏ ؟‏

‎ ‎وبعبارةٍ اُخری : ‏هل المشتقّ الموضوع أوّلاً هی المصادر، وأنّها المحفوظة فی‏‎ ‎‏ضمن جمیع المشتقّات، أو الأفعال کذلک؟‏


کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 160

‏وهذا النزاع بمکانٍ من السخافة، خصوصاً مذهب الکوفیین؛ إذ لا معنی‏‎ ‎‏لانحفاظ الفعل فی ضمن جمیع المشتقّات حتّی المصدر، بل وکذا مذهب أهل البصرة،‏‎ ‎‏لکن یمکن حمله علی أنّ المراد أنّ ما وضع له اللّفظ أوّلاً هو المصدر، ثمّ اشتقّت منه‏‎ ‎‏الأفعال والأوصاف بدون انحفاظ المصدر فی ضمنها.‏

‏ولهذا سلک المتأخِّرون طریقاً آخر : حیث ذهبوا إلی أنّ مادّة المصدر مجرّدة عن‏‎ ‎‏جمیع الحرکات والسکنات والهیئات؛ بنحو اللاّبشرط إلاّ من حیث ترتیب حروفه من‏‎ ‎‏التقدّم والتأخّر، موضوعة لنفس طبیعة الحدث، ثمّ اشتقّت منها الأفعال والأوصاف‏‎ ‎‏بهیئاتها المختلفة، فوضع المادّة نوعی بما أنّها مادّة لإحدی هذه الهیئات، وکذلک وضع‏‎ ‎‏الهیئات من حیث إنّها موضوعة لمعانیها بما أنّها هیئة إحدی هذه المواد‏‎[3]‎‏.‏

ویمکن الإشکال علیه أیضاً : 

‏أوّلاً : ‏‏بأنّ المادّة مجرّدة عن جمیع الحرکات والسکنات والهیئات، لیست من‏‎ ‎‏عداد الألفاظ المعتمدة علی مخرج الفم، فلا معنی للنزاع فی أنّها موضوعة لکذا أو کذا،‏‎ ‎‏ثمّ اشتقاق الأفعال والصفات منها.‏

وثانیاً : ‏أنّ ذلک یوجب عدم الفرق بین المصدر واسم المصدر، فإنّ الثانی أیضاً‏‎ ‎‏موضوع لنفس طبیعة الحدث کالأوّل.‏

وثالثاً : ‏ما ذکره مستلزم لأن یکون مثل «ضغروب» و «ضکروب» ونحوهما‏‎ ‎‏ـ ممّا یتخلّل بین حروف المادّة حرف غیر مربوط، مع حفظ ترتیب حروف أصل‏‎ ‎‏المادّة أیضاً دالاًّ علی الحدث الموضوع له؛ إذ المفروض أنّ المادّة مأخوذة ومحفوظة فیه‏‎ ‎‏بنحو اللاّبشرط من هذه الجهة، وإلاّ فلابدّ أن یکون مضروب أیضاً مهملاً لتخلّل الواو‏‎ ‎‏بین حروفه.‏


کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 161

ورابعاً : ‏لو کانت المادّة موضوعة بوضع علی حدة، وکذلک الهیئة، لزم ترکّب‏‎ ‎‏المشتقّات ودلالة کلٍّ منهما علی معنیً مستقلّ، لا الترکیب الانحلالی، وهو باطل قطعاً؛‏‎ ‎‏لعدم تبادر معنیین کذلک من مثل «ضارب» هذا.‏

ویمکن الجواب عن هذه الإشکالات :

‏أمّا الأوّل : ‏‏فلأنّه إنّما یتوجّه لو کان المقصود من وضع المادّة هو التفهیم والتفهّم‏‎ ‎‏بها مستقلّةً، ولیس کذلک، بل المراد أنّها موضوعة لاشتقاق الأفعال والصفات منها،‏‎ ‎‏وتتهیّأ بهیئاتٍ مختلفةٍ، ولا یحتاج الوضع إلی اللّفظ.‏

وأمّا الثانی : ‏فلأنّه قد یفتقر إلی تفهیم معنی الحدث وطبیعته للغیر، ولمّا لم یمکن‏‎ ‎‏النطق بالمادّة بدون الهیئة وضع هیئة اسم المصدر، بل والمصدر أیضاً؛ بناءً علی عدم‏‎ ‎‏الفرق بینهما؛ لأنّ الأقرب عدم أخذ الانتساب إلی فاعل ما فی مفهوم المصدر، فوُضع‏‎ ‎‏لمجرّد إمکان النطق بالمادّة، لا أنّها موضوعة بإزاء إمکان النطق بالمادّة، بل للتمکّن من‏‎ ‎‏النطق بها، وحینئذٍ فلا مانع من القول بعدم الفرق بینهما.‏

وأمّا الثالث : ‏فبأنّ المادّة وإن وُضعت بنحو اللاّبشرط إلاّ فی الترتیب بین‏‎ ‎‏الحروف لفظاً، لکن حیث إنّها موضوعة للتهیّأ بإحدی الهیئات المعیّنة، فلا محالة‏‎ ‎‏لها ضیق ذاتی وتقیید فی نفس الأمر بکونها فی ضمن إحدی الهیئات، فلا یرد علیه‏‎ ‎‏مـا ذکـر.‏

وأمّا الرابع : ‏فذهب بعض المحقّقین ‏‏[‏‏ وهو ‏‏]‏‏ السیّد محمد الفشارکی ‏‏قدس سره‏‏فی مقام‏‎ ‎‏التفصّی عنه إلی أنّ للمادّة وضعین : أحدهما الوضع التهیّئی، لا لإفادة المعنی، الثانی فی‏‎ ‎‏ضمن وضع الهیئة بلحاظها حین وضعت الهیئة لإفادة المعنی‏‎[4]‎‏.‏

ویرد علیه ما تقدّم سابقاً : ‏من أنّ الدلالة لیست تابعة للإرادة؛ أی إرادة‏‎ ‎‏الواضع، فإذا تحقّق الوضع لها دلّت علی الموضوع له، سواءً أراد الواضع منه الدلالة‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 162

‏علیه أم لا، بل وکذلک ولو صرّح بالعدم أیضاً؛ لأنّ ما هو بید الواضع هو عنان‏‎ ‎‏الوضع، لا الدلالة علی المعنی.‏

‏مع أنّ ما ذهب إلیه أسوء حالاً من أصل الإشکال؛ لاستلزامه الالتزام فی مثل‏‎ ‎‏«ضارب» بثلاثة أوضاع : وضع المادة أوّلاً مستقلاًّ للحدث، ثانیها الوضع التبعی‏‎ ‎‏لوضع الهیئة، وثالثها وضع الهیئة لمعناها.‏

‏مضافاً إلی أنّه إن أراد وضع الهیئة فی ضمن کلّ مادّة مادّة، یلزم خصوصیّة‏‎ ‎‏الموضوع له فی المواد، وإن أراد لحاظ مجموع المواد حین وضع الهیئة، فلیس المجموع‏‎ ‎‏أمراً مغایراً لکلّ واحدةٍ واحدة، وإن أراد لحاظ مادّة من الموادّ لا علی التعیین، فهی ممّا‏‎ ‎‏لا تحقّق لها، فلا یُتصوّر لما ذکره فرض صحیح.‏

‏وللتفصّی عن الإشکال سلک بعض الأعاظم مسلکاً آخر : وهو أنّ الواضع‏‎ ‎‏وضع مادّة معیّنة بهیئاتها کلّ واحدةٍ واحدة من الهیئات مفصّلاً من الأفعال والصفات،‏‎ ‎‏ثمّ قاس علیها المواد الاُخر وهیئاتها من الأفعال والصفات‏‎[5]‎‏.‏

وفیه : ‏ـ مضافاً إلی عدم اندفاع أصل الإشکال بذلک، وهو لزوم الترکُّب فی‏‎ ‎‏المشتقّات ـ أنّ القیاس المذکور لابدّ أن یکون هو وضعاً لها؛ لعدم تصوّر غیر ذلک،‏‎ ‎‏فیرد علیه الإشکالات المتقدّمة.‏

وغایة ما یمکن أن یقال فی المقام : ‏هو أنّ المادّة وُضعت أوّلاً ـ مجرّدة عن جمیع‏‎ ‎‏الحرکات والسکنات ـ لطبیعة الحدث، لکن حیث إنّه لا تحصّل وتعیّن لها استقلالاً، بل‏‎ ‎‏هی فی وجودها تبع للهیئة، فلا یمکن تحقّقها استقلالاً، کما أنّ الهیئة تبع للمادّة لم تدلّ‏‎ ‎‏علی معناها استقلالاً، نظیر الهیولی الغیر المتحصّلة إلاّ بالصورة، وکما أنّ الهیولی فانیة‏‎ ‎‏ومندکّة فی الصورة فی عالم الحقائق، کذلک المادّة فی عالم الألفاظ تبع للهیئة فانیة‏‎ ‎‏ومندکّة فیها، والموجود فی نفس الأمر هو الهیئة، وهی بسیطة، فکذلک معناها‏

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 163

‏ومفادها، کما سیأتی بیانه.‏

‏هذا کلّه فی الموادّ.‏

وأمّا الهیئات فقد یستشکل : ‏بأنّ الهیئة مجرّدةً عن المادّة غیر قابلة للتصوّر‏‎ ‎‏واللحاظ کی توضع لمعنیً من المعانی، والمفروض أنّها موضوعة مجرّدةً عن الموادّ‏‎ ‎‏لا المجموع المرکّب منها ومن المادّة.‏

ویمکن دفعه : ‏بإمکان تصوّر الهیئة فی ضمن مادّة من الموادّ وإن کانت مهملة،‏‎ ‎‏مثل هیئة «فاعل» فی ضمن أیّة مادة من الموادّ، فلا إشکال حینئذٍ.‏

‏ ‏

‎ ‎

کتابتنقیح الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح‏ الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 164

  • و3 ـ اُنظر شرح الکافیة 2 : 191 ـ 192.
  • )) فوائـد الاُصـول 1 : 99، بدائـع الأفکـار (تقریـرات العراقی) 1 : 156، أجـود التقریـرات 1 : 60 ـ 61.
  • )) نقله عنه تلمیذه فی وقایة الأذهان : 161 ـ 162.
  • )) المصدر السابق : 162.