مقتضی الاستصحاب
ثمّ مع عدم دلالته علیٰ ذلک فهل یمکن استصحاب الوجوب بعد خروج الوقت؟
والحقّ عدم جریانه، توضیح ذلک یحتاج إلیٰ بیان مقدّمة : وهی أنّهم ذکروا أنّه یُعتبر فی الاستصحاب بقاء الموضوع، والأولیٰ أن یُقال: إنّه یُعتبر فی الاستصحاب اتّحاد القضیّة المشکوکة مع المُتیقّنة، فإذا تعلّق الحکم بعنوان کلی مقیّد بقید، کما لو قال: «الماء إذا تغیّر ینجس» فالموضوع لهذا الحکم هو عنوان الماء المُتغیّر، بخلاف ما إذا جعل الموضوع مطلق الماء.
والحاصل : أنّ الموضوع لحکمٍ إذا کان کلیّاً، فهو مع التقیید بقیدٍ موضوعٌ، وبدون التقیید به موضوع آخر، کما إذا قال: «العنب إذا غلیٰ ینجس»، فإنّ الموضوع فیه مغایر للزبیب، فإنّه موضوع آخر. هذا إذا کان الموضوع هو العنوان الکلی.
وأمّا إذا جعل الموضوع مصداقاً خارجیّاً، کما لو فرض وجود ماءٍ متغیّر فی الخارج، فیقال : «هذا الماء متغیّر، وکل ماءٍ مُتغیّر نجس، فهذا الماء نجس»، فالموضوع هو المشار إلیه بقولنا: «هذا»، فإذا فُرض زوال التغیُّر عنه فی الخارج، واحتُمل أنّه لا یکون زوال التغیُّر بنفسه مُطهِّراً، أمکن جریان استصحاب النجاسة حینئذٍ، فإنّ الموضوع هو المشار إلیه الخارجیّ، والتغیّر واسطة فی الثبوت ـ أی ثبوت حکم النجاسة له ـ فلا یضرّ انتفاؤه فی جریان الاستصحاب، وکذلک الکلام فی العنب
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 190 الموجود فی الخارج، فإنّه محکوم بأنّه إذا غلیٰ ینجس، فإنّه إذا صار زبیباً یُستصحب ذلک الحکم؛ لما بیّناه.
وبالجملة : إذا جعل وعُلّق الحکم علی عنوان کلی وجُعل موضوعاً لحکمٍ، فهو یختلف باختلاف القیود وجوداً وعدماً، وأمّا الموضوع الخارجیّ فلیس کذلک، لا یختلف باختلاف قیوده وحالاته إلاّ أن یتغیّر ماهیّته، کما إذا صار الکلبُ مِلحاً.
إذا عرفت ذلک نقول : حیث إنّ الموضوع فیما نحن فیه هو العنوان الکلی؛ أی الصلاة من دلوک الشمس إلیٰ غسق اللیل، والمفروض أنّه لم یوجد فی الخارج، وإلاّ لم یحتجْ إلیٰ الاستصحاب، فبانتفاء قیده الذی هو الوقت المعیّن بخروج الوقت، یتغیّر الموضوع، ویصیر طبیعةَ الصلاة، لا المقیّدة بالوقت المحدود، فلا یجری الاستصحاب؛ لعدم اتّحاد القضیّة المتیقّنة مع المشکوکة والمفروض أنّ الموضوع هو العنوان الکلی لا المصداق الخارجیّ لأنّ المفروض أنّه لم یوجده المکلّف وإلاّ انتفی الوجوب لأنّ الخارج ظرف للسقوط لا الثبوت فالمقام مجریٰ البراءة لا الاستصحاب.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 191
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 192