التنبیه الثانی : فی کیفیة النیّة لو کان المعلوم بالإجمال من العبادات
إذا کان المعلوم بالإجمال عبادیّاً ـ یفتقر امتثاله إلی النیّة والقربة ـ فلابدّ من الاحتیاط بأن ینوی عند الإتیان بکلّ واحد من الأطراف فعلها احتیاطاً؛ لإحراز الواجب العبادی الواقعی، ویقصد فعل التکلیف العبادی المعلوم إجمالاً ـ المردّد بین
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 452 الأطراف ـ تقرّباً إلیه تعالیٰ، فیجب العزم حین الإتیان بطرفٍ منها علی الإتیان بباقی الأطراف أیضاً؛ إذ النیّة المذکورة لا تتحقّق بدونه، فإنّ من قصد الاقتصار علی أحد الأطراف فقط، لیس قاصداً لامتثال الواجب الواقعی علی کلّ تقدیر، بل علی تقدیر المصادفة للواقع.
وأمّا الشاکّ بدواً فی وجوب شیء فیکفیه قصد احتمال الأمر.
وأورد علیه المیرزا النائینی قدس سره : بأنّه لا فرق بین الشبهة البَدْویّة والمقرونة بالعلم الإجمالی فی ذلک؛ إذ کما أنّ فعل محتمل الوجوب فی الشبهة البَدْویّة إنّما هو بداعی احتمال الأمر، فکذلک الإتیان بکلّ واحدٍ من أطراف المقرونة بالعلم الإجمالی، فإنّه بداعی احتمال انطباق الواجب الواقعی علیٰ هذا الطرف أو ذاک، فهو أیضاً منبعث عن احتمال الأمر، لا الأمر المعلوم بالإجمال، فیکفی قصد احتمال الأمر.
أقول : ما ذکره قدس سره ـ من کفایة الإتیان بقصد احتمال الأمر ـ حقّ؛ لعدم الدلیل علی وجوب ما زاد علی أصل النیّة والقربة والخلوص فی العبادات، لکنّ ما ذکره: من عدم انبعاث الآتی بأطراف المعلوم بالإجمال عن الأمر المعلوم، غیر صحیح؛ للفرق بین الآتی بالشبهة البَدْویّة وبین الآتی بأحد أطراف العلم الإجمالی؛ لتحصیل الموافقة الاحتمالیّة فقط، وبین الآتی بقصد الموافقة القطعیّة، فإنّ الأوّل لاینبعث إلاّ عن احتمال الأمر، لکن الثانی والثالث منبعثان عن الأمر المعلوم؛ بحیث لو لم یکن عالماً به لما أتی به أصلاً، نعم هو مع احتمال انطباق المعلوم بالإجمال علی هذا الطرف.
وأمّا ما یظهر من بعضهم : من أنّ الآتی بأحد أطراف المعلوم بالإجمال، مع
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 453 العزم علی عدم الإتیان بسائر الأطراف متجرٍّ یستحقّ العقوبة لذلک.
ففیه : أنّ التجرّی لیس بالإتیان بهذا الطرف، بل بترک سائر الأطراف.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۳): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 454