فی توقّف القبول فی المعاطاة علی الإعطاء الثانی
وقد یتخیّل : أنّ الإعطاء الثانی لابدّ منه فی القبول، ویستدلّ علیه بوجهین : عقلائیّ وعقلیّ.
أمّا الأوّل ـ أی العقلائی ـ : فإنّ القبول متأخّر عن الإیجاب عند العقلاء، والأخذ مقوّم للإعطاء؛ بحیث لو لم یوجد الأخذ لم یصدق الإعطاء، فلو کان الإعطاء الأوّل إیجاباً للبیع فی المعاطاة فلابدّ من تأخیر القبول عن الأخذ فیه؛ لما ذکرنا من تأخّر القبول عن الإیجاب، والأخذ مقوّم للإعطاء الذی هو الإیجاب.
والجواب عنه : أنّ هذا منافٍ لما نراه فی العرف من جریان المعاطاة سلفاً ونسیئةً بینهم، واکتفائهم فی الإیجاب بالإعطاء مجرّداً عن الأخذ، وفی القبول بأخذ ذلک قاصداً به القبول .
وأمّا الثانی ـ أی العقلیّ ـ : بأنّ الأخذ مقوّم للإعطاء، والمفروض أنّ الإعطاء هو الإیجاب، فلا یعقل أن یکون الأخذ قبولاً له.
والجواب عنه :
أوّلاً : لا دلیل علیٰ لزوم تأخیر القبول عن الإیجاب إذا لم یکن بلفظ القبول.
وثانیاً : أنّ الإعطاء ـ کسائر المعانی الحدثیّة المصدریّة ـ قد یلاحظ بالنسبة إلی الفاعل، واُخریٰ بالنسبة إلی المفعول، وثالثة لا یلاحظ إلاّ نفسه، فعلیٰ الأوّل إعطاء، وعلیٰ الثانی أخذ، وعلی الثالث عطاء بالمعنیٰ الاسم المصدریّ، فکلّها متّحدة ذاتاً والتغایر بالاعتبار. والإیجاب إنّما هو الإعطاء بالاعتبار الأوّل، وقبوله الأخذ؛ أی الفعل بالاعتبار الثانی، والثانی مترتّب علی الأوّل رتبة وإن لم یترتّب
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 133 علیه زماناً.
ولو سلّمنا لزوم تأخیر القبول عن الإیجاب لا نسلّم ذلک زماناً، بل یکفی التأخّر الرتبیّ فی ذلک، وهو حاصل بین الإعطاء والأخذ، فالصحیح کفایة الإعطاء من طرف واحد فی المعاطاة، وتحقّقها بالإعطاء من الطرفین أیضاً.
کتابالبیع: تقریر لما افاده الامام الخمینی (س)صفحه 134