الجهة الثانیة : فیمن یجوز له العمل بفتوی نفسه
وأمّا الموضوع لجواز أن یعمل الإنسان برأی نفسه فهو حصول رأی صحیح له من الرجوع إلی مدارک الحکم ومظانّه ، ویتوقّف هذا علی الإحاطة بالعلوم العربیة وبالقواعد الاُصولیة المبتنی علیها الاستنباط ، حیث إنّ بعض قواعدها ممّا لا مناص منها ویجب علی الأخباری أیضاً تحصیلها ، کمباحث الظواهر وصغریاتها وأصل حجّیتها وحجّیة سائر الحجج ومفاد أدلّتها ومقدار دلالتها وإفرادها بکتاب مستقلّ لیس من المحرّمات .
والظاهر أنّ ما ألجأ الأخباری إلی مخالفة الاُصولیـین هو أ نّهم رأوا أنّ بعض مشایخنا الاُصولیـین کان فی مقام الاستدلال علی الأحکام الفقهیة یعقبون أدلّتها الشرعیة باستحسانات وقیاسات ونحوها من حجج المخالفین لا للاعتماد،
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 421 بل لإبراز مقام العلمیة حتّی لا یطعن العامّة علی الخاصّة بکونهم مقلّدین وأ نّهم یذکرون فی مقام الفتوی عبائر متقدّمیهم من غیر تصرّف ، فتوهّم الأخباریون أ نّهم ذکروا ذلک للاعتماد ، وتخیّلوا أنّ اُصولهم ومدارکهم تباین مدارک الأخباریین ، فتدبّر وتتبّع حتّی تجد أنّ نزاع الاُصولی والأخباری لفظی ، إذ أغلب مباحث الاُصول ممّا یحتاج إلی تنقیحها الأخباری أیضاً .
غایة الأمر : أ نّهم ترکوا البحث عنها لوضوحها أو بحثوا عنها فی مقدّمات کتبهم الفقهیة وفی خلال المسائل الفقهیة . ولا یخفی : أنّ کثیراً من المسائل الاُصولیة أیضاً مسائل زائدة لا ترتبط بالفقه ، بل التوغّل فیها یضرّ بالذوق الفقهی أشدّ من ضرر الفلسفة ، ولکنّه مع ذلک لا وجه لحرمة الاشتغال بهذه المسائل .
ویشترط فی الاستنباط أیضاً الاطّلاع علی الرجال وأقوال الفقهاء من الفریقین ومقدار من تأریخ الإسلام ونحو ذلک .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 422