المسألة الثانیة
فی وجوب الشکر والحمد
وجوب الـشکر والـحمد مورد الاتّفاق فی الـکتب الـکلامیّـة، وفی
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 310 مباحث الـتقلید من الـکتب الـفقهیّـة، وهو عندنا محلّ الـکلام؛ وذلک لأنّـه إن اُرید من الـوجوبِ الـوجوبُ الـنفسیُّ الـمستلزم للعقاب، فهو غیر صحیح؛ لأنّ الـعقل لایتمکّن من إدراک ما یستـتبع الـعقاب.
وإن اُرید منـه الـوجوب الـشرطیّ ـ أی أنّ الـوصول إلـی مدارج الـکمالات والـتعیّن بالـصفات والـملکات الـحسنـة ـ متوقّف علیٰ ذلک، فهو فی محلّـه؛ لما نجد بالـوجدان أنّ الاستکمالات لاتمکن إلاّ بمثلـه.
ثمَّ إنّ الـشکر والـحمد : تارة اُرید منـه الـتحمید بالـلسان فهو ما عرفت حکمـه.
واُخریٰ: اُرید منـه الـقیام بالـوظائف الإلهیّـة ـ من إتیان الـواجبات وترک الـمحرّمات ـ فهو أیضاً من الـواجبات الـشرطیّـة؛ أی أنّ الـمکلّف إذا کان یرید الـنجاة من تبعات أعمالـه من الـعقاب، ویرید استجلاب الـثواب، فعلیـه بهذا الـفعل وذاک الـترک. ولقد فصّلنا الـبحث حول هذه الـمسألـة فی تقاریرنا الـفقهیّـة.
وما اشتهر من وجوب الـتقلید فهو أیضاً یرجع إلـیٰ ذلک؛ أی أنّ وجوبـه شرطیّ وتعلیقیّ؛ أی أنّ الـعقل یُدرک الـملازمـة بین الـنجاة من الـنار والـفوز بالـجنّـة وبین الـقیام بالـوظائف الـشرعیّـة، أمّا إلـزام الـعبد بذلک فهو لیس من شأنـه.
کما أنّ درک لزوم دفع الـضرر ولابدّیّـة ذلک فهو ـ أیضاً ـ ممّا لا أساس لـه. نعم ربّما تکون الـفطرة قائمـة علیٰ الـفرار ممّا لا یلائم الـطبع، وهذا غیر
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 311 إدراک الـعقل لزوم ذلک، کما أنّ تشخیص ما لا یلائم وما یلائم خارج عن حدود وظیفتـه، إلاّ فی الاُمور الـمتعارفـة الـواضحـة والـوجدانیّـة فی هذه الـنشأة.
فبالجملة : أصل الـوجوب الأعمّ من الـشرطیّ والـنفسیّ ممّا لاشبهـة فیـه عندنا، ولا سبیل للعقل إلـیٰ ذلک.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. ۱)صفحه 312