التنبیه الخامس فی استصحاب أحکام الشرائع السابقة
قال الشیخ قدس سره ما حاصله : أنّه لا فرق فی المستصحب بین أن یکون حکماً ثابتاً فی هذه الشریعة أم حکماً من أحکام الشرائع السابقة . وقد أورد علی استصحاب أحکام الشرائع السابقة باُمور :
منها : أنّ الحکم الثابت فی حقّ جماعة لا یمکن استصحابه فی حقّ آخرین لتغایر الموضوع .
وفیه أوّلاً : أنّا نفرض شخصاً واحداً مدرکاً للشریعتین فإذا ثبت الحکم فی حقّه بالاستصحاب ثبت حکم غیره بقاعدة الاشتراک .
وثانیاً : أنّ اختلاف الأشخاص لا یمنع عن الاستصحاب وإلاّ لم یجر استصحاب عدم النسخ .
وحلّه : أنّ المستصحب هو الحکم الکلّی الثابت للعناوین الکلّیة علی وجه
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 92 لا مدخل للأشخاص فیه . وبعبارة اُخری : الأحکام الشرعیة مجعولة بنحو القضیّة الحقیقیة ، انتهی .
أقول : الأحکام الشرعیة وإن کانت مجعولة للعناوین الکلّیة ولکن یجب فی استصحابها إحراز العناوین المأخوذة فیها ، لإمکان أن یکون العنوان المأخوذ فیها عنواناً ضیّقاً من أوّل الأمر ، مثلاً لو کان الحکم المجعول علی لسان موسی علیه السلام بمثل : یا أیّها الذین آمنوا افعلوا کذا مثلاً ، لأمکن ادّعاء استصحابه ، وأمّا إذا کان بلفظ : یا أیّها الذین هادوا مثلاً أو کان حکماً موقّتاً ، فلا یبقی مجال لاستصحابه فی حقّ المسلمین .
وعلی هذا فاستصحاب أحکام الشرائع السابقة مشکل ، لعدم کون عناوین موضوعاتها مبیّنة لنا وکتبهم محرّفة لا یجوز لنا الاعتماد علیها فی إحرازها .
ثمّ إنّ ما ذکره قدس سره من استصحاب المدرک للشریعتین ، یرد علیه اُمور :
منها : أنّ المراد إن کان إجراء نفس المدرک لهما للاستصحاب .
ففیه : أنّه مجرّد فرض ، إذ لم یثبت لنا شکّ واحد ، فمن أدرک الشریعتین فی حکم من أحکامه فضلاً عن استصحابه له ؟!
وإن کان المراد إجراء غیره للاستصحاب فی حقّه من جهة شکّه فی حکم هذا المدرک للشریعتین .
ففیه : أنّه لا یترتّب علی ثبوت الحکم للمدرک لهما أثر شرعی لغیره ، فتدبّر .
والظاهر أنّ البحث عن المسألة قلیل الجدوی فالإعراض عنها أولی .
کتابمحاضرات فی الاصول (تشتمل علی تنبیهات الاستصحاب و التعادل و الترجیح و الاجتهاد و التقلید): تقریر الابحاث الامام الخمینی (س)صفحه 93