المقام السادس فی بطلان الصلاة ونحوها إذا لم تکن عبادة له تعالیٰ
تمتاز الـعبادات عن غیرها باعتبار قصد الـقربـة فیها، والـخلوص من الـریاء، والإتیان بها مریداً بها وجـه اللّٰـه؛ وذلک للإجماع والأخبار.
وحیث تحتاج الـمسألـة إلـی مزید توضیح، لابدّ من الإشارة الإجمالیّـة إلـیها.
فاعلم: أنّ الأمر لا ینقسم إلـی الـتعبّدی والـتوصّلی، بل الأمر موضوع للـبعث إلـی الـمشتهیات، وتحریک نحوها، وکاشف عقلائیّ عن الإرادة الـجدّیـة الإلزامیّـة ما لم تکن الـقرینـة، علیٰ ما تقرّر منّا تفصیلـه وبرهانـه
کتابتحریرات فی الفقه: الواجبات فی الصلاةصفحه 77 فی الاُصول.
فما اشتهر: من أنّ الأوامر تعبّدیـة أو توصّلیـة، غلط، بل الـواجبات تعبّدیـة وتوصّلیـة.
ثمّ إنّ الـطبائع مختلفـة بحسب الـذات:
فمنها: ماهی الـموضوعـة عند الـعرف والـعقلاء للـعبودیّـة، ویعبدون اللّٰـه وغیره بها، کالصلاة ونحوها، ولا حاجـة عرفاً إلـی اعتبار قصد الـتقرّب فیها شرعاً.
ومنها: ما لاتکون کذلک، کالأخماس والـزکوات والـکفّارات، فإنّها تعتبر فیها الـقربـة، إلاّ أنّـه بإلزام من الـشرع.
ومنها: ما لیس یعتبر فیـه الـقربـة شرعاً، ویکون غیر مناسب لاعتباره، کالختان ونحوه.
والأوامر الـمتعلّقـة بها، لاتدعو إلاّ إلـیٰ ما هی الـمبنیّـة علیها بطبعها، واعتبار الـقید الـزائد یحتاج إلـی الـدلیل، کما أنّ سلب الـقید الـمعلوم عند الـعرف، یحتاج إلـی الـدلیل، فالأوامر الـمتعلّقـة بالعبادات الـعرفیّـة، تدعو إلـیها، وعند الإخلال بشیء من مقوّماتها تبقیٰ علیٰ حالها.
فالصلاة الـموضوعـة للـعبودیّـة عند الـعرف، إذا کانت متعلّقـة للأمر الـباعث إلـیٰ إتیانها عبودیّـة للّٰـه تعالیٰ، لایکون بطلانها بالریاء ونحوه؛ إلاّ لأجل الإخلال بالشرط فیها.
کتابتحریرات فی الفقه: الواجبات فی الصلاةصفحه 78