المقام الرابع حول بیان نیّة الأداء والقضاء
فالمعروف بینهم عدم اعتبارهما شرعاً، ولأجل ذلک لو تخیّل بقاء الـوقت فأتیٰ أداءً، ثمّ تبیّن خروجـه، تصحّ صلاتـه، وهکذا فی الـفروع الـمشابهـة؛ وذلک لأنّ الأدلّـة قاصرة عن إثبات الـشرطیّـة، ولیس الأداء بعنوانـه مورد الأمر، والـقضاءُ أمر ینتزع من وقوع الـطبیعـة خارج الـوقت.
نعم، لو اشتغلت ذمّتـه بالأدائیّـة والـقضائیّـة، فالمشهور بینهم لزوم قصد الأداء والـقضاء؛ لعدم إمکان الـمأمور بـه إلاّ بالتمییز والـقصد.
کتابتحریرات فی الفقه: الواجبات فی الصلاةصفحه 47 والـذی یتوجّـه إلـی الـمسألـة: هو أنّ الأمر الـمتعلّق بطبیعـة مخصوصـة، لایدعو إلاّ إلـیها، ولو تعلّق الأمر ثانیاً بها مع تلک الـخصوصیّـة، لیس إلاّ تأکید الأوّل؛ ضرورة امتناع الـتأسیس مع وحدة الـمتعلّق، علیٰ ما تقرّر فی الاُصول، فلو کان بعد الـوقت أمر متعلّق بالمغرب الأدائیّ، وأمر متعلّق بالمغرب الـقضائیّ، مع عدم ورود قیدی «الأداء» و «الـقضاء» فی الـمتعلّق، یلزم الامتناع الـمشار إلـیـه.
ولایعقل دخالـة الـعقل فی متعلّق الأوامر الـشرعیّـة، إلاّ بما یرجع إلـی الامتثال وکیفیّتـه، وأمّا لزوم الإتیان بها بعنوان کذا وکذا، فهو خارجٌ عن حدود مدارک الـعقل والـنظر، فما هو الـمأمور بـه إمّا معنون بعنوان «الأداء» فعلیـه نیّتـه، وإلاّ فلا، وهکذا فی جانب الـقضاء وسائر الاُمور الاُخر.
وأمّا اشتراط نیّـة الأداء فی هذه الـصورة دون تلک - للـحاجـة إلـی الـتمییز - فهو ممنوع؛ لأنّـه لابدّ وأن تتمیّز الـمتعلّقات بأنفسها، لابتمیّز الـمکلّف، ولو لم یکن تمییز بینها ثبوتاً، فلایتعدّد الأمر والـمتعلّق؛ بداهـة امتناع تعلّق الإرادتین والـحبّین بطبیعـة واحدة، علیٰ نعت الاستقلال والـتأسیس، فلاینبغی الـخلط والـغفلـة.
کتابتحریرات فی الفقه: الواجبات فی الصلاةصفحه 48