المسألة الاُولیٰ
مشروعیّة عبادة الصبیّ
اختلفوا فی مشروعیّـة عبادة الـصبیّ علیٰ وجوه وأقوال.
والـحقّ هی الـمشروعیّـة من غیر حاجـة إلـیٰ الأدلّـة الـخاصّـة، کإثبات مسألـة اُصولیّـة: وهی أنّ الأمر بالأمر بالشیء أمر بذلک الـشیء، وحیث ورد الأمر من الـرسول الأعظم صلی الله علیه و آله وسلم : بأنّ الـموالـی والأولیاء یأمرون الأولاد والأطفال بالصلاة، فیکون من ناحیتـه الـمقدّسـة أمراً متوجّهاً إلـیهم، فتصحّ صلاتهم، ومن غیر حاجـة إلـیٰ الـتمسّک ببعض الأدلّـة والـوجوه الاُخر، بل تکفینا الأدلّـة الـعامّـة وإطلاقاتها والـعمومات من الـکتاب والـسنّـة، وقد تقرّر فی محلّـه: أنّ حدیث «رفع القلم عن الصبیّ حتّیٰ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 438 یحتلم» لایلازم رفع الـتکلیف بالمرّة، بل یمکن الالتزام برفع الـوجوب حسب الـوجـه الـصحیح الـمعقول، وهو أنّ هذا الـحدیث فی حکم الـقرینـة علیٰ الـترخیص بالترک بالنسبـة إلـیهم، ولا نرید من رفع الـوجوب إلاّ ذلک.
وأمّا رفع الـوجوب الاعتباری، أو رفع شدّة الإرادة الـبسیطـة، فهو ولو أمکن فی الاعتبار بلحاظ الآثار، ولکنّـه لاتمسّ إلـیـه الـحاجـة جدّاً، فقولـه تعالیٰ: «یُقِیمُونَ الصَّلاَةَ» بعد ثبوت عمومـه الأفرادی، یشهد علیٰ مطلوبیّـة إقامـة الـصلاة من کلّ أحد، ولاسیّما إذا کان مراهقاً ممیّزاً ومؤمناً بالأدلّـة الـعقلیّـة بالغیب، فإنّـه أقویٰ اندراجاً تحت الآیـة من نوع الـمکلّفین الـجاهلین بها.
وقد فرغنا عن أعمّیـة «الـمتّقین» فیما سلف، فلایتوجّـه علیٰ الآیـة الـشریفـة بعض الـتوهّمات الـناشئـة عن قلّـة الـباع وعدم الاطّلاع.
نعم ربّما یختلج بالبال صحّـة دعویٰ عدم ثبوت الإطلاق لـلآیـة الـشریفـة بالنظر إلـیٰ الـصلاة وأنواعها وأنحائها ؛ لأنّها فی مقام إفادة الإیمان بالغیب إجمالاً وإقامـة الـصلاة، وأمّا أنّ هذه الـصلاة هی الـمفروضـة أو الـمندوبـة، فلا نظر لـها إلـیها، فاستفادة الـمطلوبیّـة الـذاتیّـة الـمطلقـة لطبیعـة الـصلاة بما هی هی من هذه الآیـة الـکریمـة، لاتخلو عن نوع غُموضـة، وعلیٰ تقدیر ثبوتـه یصحّ الـتمسّک بمثل هذه الآیـة وأشباهها فی کلّ مورد یحتاج الـفقیـه إلـیٰ الـتمسّک بإطلاق الـمادّة؛ لإثبات شیء، أو نفی دخالـة أمر فی الـمحبوبیّـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 439