المسألة الرابعة
حول کلمة «الضلال»
الـضلال والـضَّلَل ـ محرّکـة ـ ضدّ الـهدیٰ والـرشاد قالـه «الـقاموس».
وقال ابن الـکمال: الـضلال: فَقْدُ ما یوصل إلـیٰ الـمطلوب، وقیل: سلوک طریق لا یوصل إلـیٰ الـمطلوب.
وفی الـراغب: هو الـعدول عن الـطریق الـمستقیم وتضادّه الـهدایـة،
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 158 قال اللّٰه تعالیٰ: «فَمَنِ اهْتَدَیٰ فَإِنَّمَا یَهْتَدِی لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا یَضِلُّ عَلَیْها»، ویقال «الـضلال» لـکلّ عُدول عن الـحقّ، ولذا صحّ أن یستعمل لـفظـه فیمن یکون فیـه خطأٌ مّا، ولذلک نسب إلـیٰ الأنبیاء وإلـیٰ الـکُفّار؛ وإن کان بین الـضلالین بون بعید: «وَوَجَدَکَ ضَالاًَّ فَهَدَیٰ»«إِنَّکَ لَفِی ضَلاَلِکَ القَدِیمِ» وغیر ذلک. انتهیٰ، مع تصرّف یسیر. وعلیٰ هذا الـمنوال نسج الآخرون فی هذه الـورطـة.
والـذی یظهر لـکاتب هذا الـرقیم ولمحرّر هذه الـحروف: أنّ معنیٰ هذه الـمادّة أوسع من ذلک، وهو الـغیبوبـة والاختفاء، ومنـه الـضیاع إذا اُطلق واُرید منـه؛ لأنّ الـضیاع اختفاء الـلُّقَطـة، وإذا اُطلق الـضالّـة علیٰ الـحیوان فهو أیضاً لأجل ذلک، فراجع أنواع الاشتقاقات الـمذکورة فی الـمفصّلات.
قال ابن حیّان: والـضلال الـهلاک والـخفاء وضلّ الـلبن فی الـماء. وقیل: أصلـه الـغیبوبـة «فی کِتَابٍ لاَ یَضِلُّ رَبِّی»، وضللت الـشیء؛ جعلت مکانـه، وأضللتُ الـشیء؛ ضیّعتـه، «وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ»، وضلّ غفل نسی. انتهیٰ موضع من کلامـه، مع ما فیـه من الـخلل الـکثیر.
وفی الأقرب: ضلّ الـلبن فی الـماء؛ خفی وغاب. ضلّ الـناسی: غاب عنـه حِفظُ الـشیء. وفلانٌ فلاناً: نسیـه. أضلّـه؛ دفنـه وغیّبـه، کقولـه:
أضلّت بنو قیسِ بْنِ سعدٍ عمیدَها
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 159 أی دفنتـه. انتهیٰ.
وبالجملة: الـضلال لـیس ـ بحسب الـلغـة ـ من الأوصاف الـرذیلـة ومن الـنواقص الـبشریّـة؛ وإن کانت الـصفـة الـرذیلـة إحدیٰ مصادیقـه؛ لاشتراکها فی الـغیبوبـة والاختفاء، وإلاّ فإنّ الـخارج عن الـطریق الـمستقیم اختفیٰ وغاب عنـه، فیحتاج إلـیٰ الـهدایـة؛ أی إلـیٰ أن یظهر علیٰ الـطریق الـمذکور، والـضالّـة هی الـمختفیـة والـغائبـة، والـضالّ هو الـغائب، إلاّ أنّـه تارة یُراد منـه الـنوع الـخاصّ لـلقرینـة، فتأمّل جیّداً.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 160