المسألة السادسة
حول الربط بین هذه الآیة والسابقة
هناک سؤال عن الـربط بین هذه الـجملـة «إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ» والـجمل الـسابقـة مع حذف حرف الـربط الـمشعر بنهایـة الـعُلقـة
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 102 والارتباط بینها.
وربّما یقال: إنّ الـقارئ الـطالب ـ بعد الـمدح الـبلیغ والـثناء الـجمیل ـ توجّـه إلـیٰ توجیـه عبادتـه إلـیـه بقولـه: «إِیَّاکَ نَعْبُدُ»، وحصر استعانتـه فیـه بقولـه: «إِیَّاکَ نَسْتَعِینُ»، ثم تنبّـه إلـیٰ أنّ هذه هی الـهدایـة، فلابدّ من الـمحافظـة علیها، فقال: «إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ» بداعی أن یحافظ علیها، لا أن یهدیـه من الـضلالـة ـ مثلاً ـ أو أنَّ حصر الاستعانـة فیـه ـ جلّ وعلا ـ قولاً وادّعاءً غیر حسن، فلابدّ من إشفاع الـعمل بذلک الـقول والادّعاء، فاستعان بـه استعانـة بالحمل الـشائع بقولـه: «اهْدِنَا»، ولذلک یحصل بین الـجملتین کمال الارتباط، فإنّ إحداهما حصر الاستعانـة بمفهومها الأوّلی فیـه تعالیٰ، والـثانیـة ذکر مصداقها بالحمل الـشائع الـصناعی، وحیث إنّ حرف الـعطف یورث نوعاً من الـمغایرة حُذف إیماءً إلـیٰ نهایـة الـملاءمـة بینهما.
وغیر خفیّ: أنّ الـنظر لـیس إلـیٰ حصر طلب الـهدایـة فی الـبقاء علیٰ الـهدایـة الـموجودة، وهی الـعبادة وغیرها، بل هذا الـطلب ـ أیضاً ـ کلّیّ، یستدعی الـهدایـة الـکلّیّـة بالنسبـة إلـیٰ جمیع أنحاء الـضلالات ـ الـتکوینیّـة والـتشریعیـة ـ بالدواعی الـمختلفـة الـکثیرة، الـمنتهیـة إلـیٰ بقاء الـموجود وإحداث الـمعدوم، وحیث ذلک کلّـه استعانـة بالحقّ الـجلیل، جیء محذوفاً حرف الـربط، ومشفوعاً بتلک الـجملـة، وکأنّـه یرید أن یترنّم لـصدق مقالتـه الـتی ادّعاها بقولـه: «إِیَّاکَ نَسْتَعِینُ»، بقولـه: «إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ».
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 103