إیقاظ علمیّ: حول طلب الهدایة
اعلم أنّ الـمحرّر فی الاُصول لـدینا: أنّ الـهیئـة موضوعـة لـلتحریک
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 89 الاعتباری، فلیس الـتحریک والـبعث من الـدواعی، بل الـدواعی تکون خارجـة عن الـموضوع لـه، فإذا قال:«إِهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ» فهو بالنسبـة إلـیٰ حدوث الـهدایـة وإحداثها بعثٌ، وأمّا بالنسبـة إلـیٰ إدامـة الـهدایـة وإبقائها فلایکون بعثاً، بل هو من الـدواعی، کداعی الـتعجیز إذا بعث بقولـه: «فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ» إلـیٰ الإتیان بها، فإنّـه بعث إلـیٰ الـمادّة بداعی الـتعجیز، ولا یکون هذا الـبعث واقعیّاً؛ أی موافقاً لـلجدّ، وإلاّ فهو موافق للاستعمال؛ أی لـلإرادة الاستعمالیّـة، ولا یلزم الـمجازیّـة.
فعلیٰ هذا لا یلزم أن یکتفی الـقارئ ـ فی طلب الـهدایـة ـ أن یبعث مولاه إلـیٰ إحداثها أو إدامتها، فإذا کان من الـضالّین والـمضلّین فطلب الـهدایـة حقیقیّ، وإذا کان من الـمهتدین فطلبُها بالنسبـة إلـیٰ الـمرتبـة الـموجودة لـه غیرُ حقیقیّ، ویکون بداعی إبقائها.
بل لـه أن یلاحظ الأمرین: أصل الـهدایـة وکمالها، فیطلب ویبعث مولاه نحو أصل الـهدایـة من الـضلالـة ونحو إبقائها؛ من غیر لـزوم کون الـهیئـة مستعملـة فی الأکثر من واحد.
وربّما یمکن توهّم امتناع ذلک؛ لأنّـه لا معنیٰ لاعتبار الـبقاء والـدوام إلاّ بعد حدوثها، فلابدّ وأن تحدث الـهدایـة أوّلاً ولو إنشاءً، ثمّ یعتبر بقائها. ولکنّـه مغبون عند الـتحقیق؛ لأنّ الاعتبار خفیف الـمؤونـة، فلاحظ وتدبّر جیّداً.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 90