الأمر السابع
فی ذکر وجه الإتیان بالجمع فی «نستعین»
اعلم أنّ أرباب الـتعرّض لـلوجوه، لـم یأتوا بشیء فی الـمقام ولا یوجد فی کلماتهم ما یفی بالمرام، وحیث قد عرفت منّا الـوجـه الـواحد الـحقّ فی الإتیان بالجمع فی «نعبد»، فهو الـوجـه فی هذا الـمقام أیضاً، ومن هنا یعلم أنّ الـوجـه الـمزبور حقیق بالتصدیق.
وغیر خفیّ: أنّ صنعـة الابتکار وقدرة الاختراع والإبداع، لـیست قاصرة فی الـمقام عن تعدید وجوه الـکلام لـقولـه تعالیٰ: «نَسْتَعِینُ»:
فمنها: أنّ الـعبد أدرج نفسـه فی زُمرة الآخرین، استحیاءً من الـمخاطبـة الـمستقلّـة.
ومنها: أنّـه لـطمع الاستجابـة وعدم وقوع الـقبیح من اللّٰه الـعزیز، شفع
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 29 دعاء الآخرین بدعائـه؛ حتّیٰ لا یلزم الـتفکیک ولا یردّ الـکلّ، فتُجاب دعوتـه.
ومنها: أنّـه قد ورد الأمر أن ندعو لـلغیر؛ لأنّـه بلسان لـم یُعصَ بـه، فهو أقرب إلـیٰ الاستجابـة، فیلزم إجابـة الـدعاء بالنسبـة إلـیـه أیضاً.
ومنها: أنّ الـسالک یعلم أنّ کلّ ممکن محفوف بالوجوبین، فکیف یستغنی عن إعانـة الـواجب الـحقیقی، فیریٰ حاجتـه وحاجـة غیره من أجزائـه الـعنصریّـة ومراتبـه الـمادّیّـة والـمعنویّـة وسائر الآحاد والأفراد الـملکیّـة والـملکوتیّـة إلـیٰ إعانتـه، فطلبها منـه تعالیٰ وتقدّس.
وغیر ذلک ممّا یقف علیـه أهل الـذوق والـفکر، وللمتقرّب الـسالک سبیل ربّـه أن ینوی جمیع هذه الـنکت والـخصائص؛ رجاء الـوصول والـبلوغ إلـیٰ الـغایـة الـمقصودة، ولـه أن یُخطر بقلبـه بعین الـشهود والـعیان جمیع الـحقائق الـمرتکزة فی الآیات؛ بأمل أن ینسلک فی زمرة الأولیاء.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 2)صفحه 30