کتاب الشفعة
(مسألة 1): لو باع أحد الشریکین حصّته من شخص أجنبیّ،فللشریک الآخر-مع اجتماع الشروط الآتیة-حقّ أن یتملّکها وینتزعها من المشتری بما بذله من الثمن،ویسمّی هذا الحقّ بالشفعة وصاحبه بالشفیع.
(مسألة 2): لا إشکال فی ثبوت الشفعة فی کلّ ما لا ینقل إن کان قابلاً للقسمة،کالأراضی و البساتین و الدور ونحوها.وفی ثبوتها فیما یُنقَل-کالثیاب والمتاع و السفینة و الحیوان-وفیما لا یُنقَل إن لم یکن قابلاً للقسمة-کالضیّقة من الأنهار و الطرق و الآبار،وغالب الأرحیة و الحمّامات،وکذا الشجر و النخیل والثمار علی النخیل و الأشجار-إشکال،فالأحوط للشریک عدم الأخذ بالشفعة إلّا برضا المشتری،وللمشتری إجابة الشریک إن أخذ بها.
(مسألة 3): إنّما تثبت الشفعة فی بیع حصّة مشاعة من العین المشترکة، فلا شفعة بالجوار،فلو باع شخص داره أو عقاره لیس لجاره الأخذ بالشفعة، وکذا لیست فی العین المقسومة إذا باع أحد الشریکین حصّته المفروزة،إلّاإذا
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 590 کانت داراً قد قسمت بعد اشتراکها،أو کانت من أوّل الأمر مفروزة ولها طریق مشترک،فباع أحد الشریکین حصّته المفروزة من الدار،فتثبت الشفعة للآخر إذا بیعت مع طریقها،بخلاف ما إذا بقی الطریق علی الاشتراک بینهما،فلا شفعة حینئذٍ فی بیع الحصّة.وفی إلحاق الاشتراک فی الشرب-کالبئر و النهر والساقیة-بالاشتراک فی الطریق إشکال،لا یترک الاحتیاط فی المسألة المتقدّمة فیه،وکذا فی إلحاق البستان و الأراضی مع اشتراک الطریق بالدار، فلا یترک فیها أیضاً.
(مسألة 4): لو باع شیئاً وشِقصاً من دار،أو باع حصّة مفروزة من دار مع حصّة مشاعة من اخری صفقة واحدة،کان للشریک الشفعة فی الحصّة المشاعة بحصّتها من الثمن و إن کان الأحوط تحصیل المراضاة بما مرّ.
(مسألة 5): یشترط فی ثبوت الشفعة انتقال الحصّة بالبیع،فلو انتقلت بجعلها صداقاً أو فدیة للخلع أو بالصلح أو الهبة فلا شفعة.
(مسألة 6): إنّما تثبت الشفعة لو کانت العین بین شریکین،فلا شفعة إذا کانت بین ثلاثة وما فوقها؛من غیر فرق علی الظاهر بین أن یکون البائع اثنین من ثلاثة-مثلاً-فکان الشفیع واحداً وبالعکس.نعم،لو باع أحد الشریکین حصّته من اثنین-مثلاً-دفعة أو تدریجاً،فصارت العین بین ثلاثة بعد البیع، لا مانع من الشفعة للشریک الآخر،فهل له التبعیض؛بأن یأخذ بها بالنسبة إلی أحد المشتریین ویترک الآخر،أو لا؟وجهان،بل قولان،لا یخلو أوّلهما من قوّة.
(مسألة 7): لو کانت الدار مشترکة بین الطلق و الوقف وبیع الطلق،لم یکن
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 591 للموقوف علیه ولو کان واحداً ولا لولیّ الوقف شفعة،بل لو بیع الوقف فی صورة صحّة بیعه،فثبوتها لذی الطلق محلّ إشکال.والأقوی عدم ثبوتها لو کان الوقف علی أشخاص بأعیانهم وکانوا متعدّدین.
(مسألة 8): یعتبر فی ثبوت الشفعة کون الشفیع قادراً علی أداء الثمن،فلا شفعة للعاجز عنه و إن أتی بالضامن أو الرهن،إلّاأن یرضی المشتری بالصبر.بل یعتبر فیه إحضار الثمن عند الأخذ بها،ولو اعتذر بأ نّه فی مکان آخر فذهب لیحضره،فإن کان فی البلد ینتظر ثلاثة أیّام،و إن کان فی بلد آخر،ینتظر بمقدار یمکن بحسب العادة نقل المال من ذلک بزیادة ثلاثة أیّام؛إذا لم یکن ذلک البلد بعیداً جدّاً یتضرّر المشتری بتأجیله،فإن لم یحضر الثمن فی تلک المدّة فلا شفعة له.
(مسألة 9): یشترط فی الشفیع الإسلام إن کان المشتری مسلماً،فلا شفعة للکافر علی المسلم و إن اشتراه من کافر،وتثبت للکافر علی مثله،وللمسلم علی الکافر.
(مسألة 10): تثبت الشفعة للغائب،فله الأخذ بها بعد اطّلاعه علی البیع ولو بعد زمان طویل.ولو کان له وکیل مطلق أو فی الأخذ بها،واطّلع هو علی البیع دون موکّله،له أن یأخذ بالشفعة له.
(مسألة 11): تثبت الشفعة للسفیه و إن لم ینفذ أخذه بها إلّابإذن الولیّ أو إجازته فی مورد حجره.وکذا تثبت للصغیر و المجنون و إن کان المتولّی للأخذ بها عنهما ولیّهما.نعم،لو کان الولیّ الوصیّ لیس له ذلک إلّامع الغِبطة والمصلحة،بخلاف الأب و الجدّ،فإنّه یکفی فیهما عدم المفسدة،لکن لا ینبغی
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 592 لهما ترک الاحتیاط بمراعاة المصلحة،ولو ترک الولیّ الأخذ بها عنهما إلی أن کملا فلهما أن یأخذا بها.
(مسألة 12): إذا کان الولیّ شریکاً مع المولّی علیه فباع حصّته من أجنبیّ،أو الوکیل المطلق کان شریکاً مع موکّله فباع حصّة موکّله من أجنبیّ،ففی ثبوت الشفعة لهما إشکال،بل عدمه لا یخلو من وجه.
(مسألة 13): الأخذ بالشفعة إمّا بالقول؛کأن یقول:أخذت بالشفعة،أو تملّکت الحصّة الکذائیة،ونحو ذلک ممّا یفید إنشاء تملّکه وانتزاع الحصّة المبیعة لأجل ذلک الحقّ،و إمّا بالفعل؛بأن یدفع الثمن ویأخذ الحصّة؛بأن یرفع المشتری یده عنها ویخلّی بین الشفیع وبینها.ویعتبر دفع الثمن عند الأخذ بها -قولاً أو فعلاً-إلّاإذا رضی المشتری بالتأخیر.نعم،لو کان الثمن مؤجّلاً، فالظاهر أنّه یجوز له أن یأخذ بها ویتملّک الحصّة عاجلاً،ویکون الثمن علیه إلی وقته،کما أنّه یجوز له الأخذ بها وإعطاء الثمن عاجلاً،بل یجوز التأخیر فی الأخذ و الإعطاء إلی وقته،لکن الأحوط الأخذ بها عاجلاً.
(مسألة 14): لیس للشفیع تبعیض حقّه،بل إمّا أن یأخذ الجمیع أو یدع.
(مسألة 15): الذی یلزم علی الشفیع عند أخذه بالشفعة دفع مثل الثمن الذی وقع علیه العقد؛سواء کانت قیمة الشقص أقلّ أو أکثر،ولا یلزم علیه دفع ما غرمه المشتری من المؤن کاُجرة الدلّال ونحوها،ولا دفع ما زاد المشتری علی الثمن وتبرّع به للبائع بعد العقد،کما أنّه لو حطّ البائع بعد العقد شیئاً من الثمن لیس له تنقیص ذلک المقدار.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 593 (مسألة 16): لو کان الثمن مثلیاً-کالذهب و الفضّة ونحوهما-یلزم علی الشفیع دفع مثله،و أمّا لو کان قیمیاً-کالحیوان و الجواهر و الثیاب ونحوها-ففی ثبوت الشفعة ولزوم أداء قیمته حین البیع أو عدم ثبوتها أصلاً،وجهان،بل قولان،ثانیهما هو الأقوی.
(مسألة 17): لو اطّلع الشفیع علی البیع فله المطالبة فی الحال،وتبطل شُفعته بالمماطلة و التأخیر بلا داعٍ عقلائی وعذر عقلی أو شرعی أو عادی،بخلاف ما إذا کان عدم الأخذ بها لعذر.ومن الأعذار عدم اطّلاعه علی البیع و إن أخبر به غیر من یوثق به،وکذا جهله باستحقاق الشفعة أو عدم جواز تأخیر الأخذ بها بالمماطلة.بل من ذلک لو ترک الأخذ لتوهّمه کثرة الثمن فبان خلافه،أو کونه نقداً یصعب علیه تحصیله کالذهب فبان خلافه،وغیر ذلک.
(مسألة 18): الشفعة من الحقوق تسقط بإسقاط الشفیع،بل لو رضی بالبیع من الأجنبیّ من أوّل الأمر،أو عرض علیه شراء الحصّة فأبی،لم تکن له شفعة من الأصل.وفی سقوطها بإقالة المتبایعین أو ردّ المشتری إلی البائع بعیب أو غیره وجه وجیه.
(مسألة 19): لو تصرّف المشتری فیما اشتراه،فإن کان بالبیع کان للشفیع الأخذ من المشتری الأوّل بما بذله من الثمن،فیبطل الشراء الثانی،وله الأخذ من الثانی بما بذله فیصحّ الأوّل.وکذا لو زادت البیوع علی اثنین فله الأخذ من الأوّل بما بذله،فتبطل البیوع اللاحقة،وله الأخذ من الأخیر فتصحّ البیوع المتقدّمة،وله الأخذ من الوسط فیصحّ ما تقدّم ویبطل ما تأخّر.وکذا إن کان بغیر البیع کالوقف وغیر ذلک،فله الأخذ بالشفعة وإبطال ما وقع من المشتری،
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 594 ویحتمل أن تکون صحّتها مراعاة بعدم الأخذ بها،وإلّا فهی باطلة من الأصل، وفیه تردّد.
(مسألة 20): لو تلفت الحصّة المشتراة بالمرّة-بحیث لم یبق منها شیء أصلاً-سقطت الشفعة،ولو کان ذلک بعد الأخذ بها،وکان التلف بفعل المشتری، أو بغیر فعله مع المماطلة فی التسلیم بعد الأخذ بها بشروطه،ضمنه.و أمّا لو بقی منها شیء،کالدار إذا انهدمت وبقیت عرصتها وأنقاضها أو عابت،لم تسقط،فله الأخذ بها وانتزاع ما بقی منها من العرصة و الأنقاض-مثلاً-بتمام الثمن من دون ضمان علی المشتری،ولو کان ذلک بعد الأخذ بها ضمنه قیمة التالف،أو أرش العیب إذا کان بفعله،بل أو بغیر فعله مع المماطلة کما تقدّم.
(مسألة 21): یشترط فی الأخذ بالشفعة علم الشفیع بالثمن حین الأخذ علی الأحوط لو لم یکن الأقوی،فلو قال:أخذت بالشفعة بالثمن بالغاً ما بلغ، لم یصحّ و إن علم بعد ذلک.
(مسألة 22): الشفعة موروثة علی إشکال.وکیفیة إرثها:أنّه عند أخذ الورثة بها،یقسّم المشفوع بینهم علی ما فرض اللّٰه فی المواریث،فلو خلّف زوجة وابناً فالثمن لها و الباقی له،ولو خلّف ابناً وبنتاً فللذکر مثل حظّ الاُنثیین،ولیس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم یوافقه الباقون،ولو عفا بعضهم وأسقط حقّه ففی ثبوتها لمن لم یعف إشکال.
(مسألة 23): لو باع الشفیع نصیبه قبل الأخذ بالشفعة فالظاهر سقوطها، خصوصاً إذا کان بعد علمه بها.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 595 (مسألة 24): یصحّ أن یصالح الشفیع المشتری عن شفعته بعوض وبدونه، ویکون أثره سقوطها،فلا یحتاج إلی إنشاء مسقط،ولو صالحه علی إسقاطه أو علی ترک الأخذ بها صحّ أیضاً،ولزم الوفاء به،ولو لم یوجد المسقط وأخذ بها، فهل یترتّب علیه أثره و إن أثم فی عدم الوفاء بما التزم،أو لا أثر له؟وجهان، أوجههما أوّلهما فی الأوّل،بل فی الثانی أیضاً إن کان المراد ترک الأخذ بها مع بقائها،لا جعله کنایة عن سقوطها.
(مسألة 25): لو کانت دار-مثلاً-بین حاضر وغائب،وکانت حصّة الغائب بید شخص باعها بدعوی الوکالة عنه،لا إشکال فی جواز الشراء منه، وتصرّف المشتری فیما اشتراه أنواع التصرّفات ما لم یعلم کذبه.و إنّما الإشکال:
فی أنّه هل یجوز للشریک الأخذ بالشفعة وانتزاعها من المشتری أم لا؟ الأشبه الثانی.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. 1)صفحه 596