القول:فی عدّة الوفاة
(مسألة 1): عدّة المتوفّی عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أیّام إذا کانت حائلاً؛صغیرة کانت أو کبیرة،یائسة کانت أو غیرها،مدخولاً بها کانت أم لا، دائمة کانت أو منقطعة،من ذوات الأقراء کانت أو لا،و إن کانت حاملاً فأبعد الأجلین من وضع الحمل و المدّة المزبورة.
(مسألة 2): المراد بالأشهر هی الهلالیة،فإن مات عند رؤیة الهلال اعتدّت بأربعة أشهر،وضمّت إلیها من الخامس،عشرة أیّام؛و إن مات فی أثناء الشهر فالأظهر أنّها تجعل ثلاثة أشهر هلالیات فی الوسط،وأکملت الأوّل بمقدار ما مضی منه من الشهر الخامس؛حتّی تصیر مع التلفیق أربعة أشهر وعشرة أیّام.
(مسألة 3): لو طلّقها ثمّ مات قبل انقضاء العدّة،فإن کان رجعیاً بطلت عدّة الطلاق،واعتدّت من حین موته عدّة الوفاة،إلّافی المسترابة بالحمل فإنّ فیها محلّ تأمّل،فالأحوط لها الاعتداد بأبعد الأجلین؛من عدّة الوفاة ووظیفة المسترابة،فإذا مات الزوج بعد الطلاق بشهر-مثلاً-تعتدّ عدّة الوفاة وتتمّ عدّة المسترابة إلی رفع الریبة وظهور التکلیف،ولو مات بعد سبعة أشهر اعتدّت بأبعدهما من اتّضاح الحال وعدّة الوفاة،ولو کانت المرأة حاملاً اعتدّت بأبعد الأجلین منها ومن وضع الحمل کغیر المطلّقة،و إن کان بائناً اقتصرت علی إتمام عدّة الطلاق،ولا عدّة لها بسبب الوفاة.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 363 (مسألة 4): یجب علی المرأة فی وفاة زوجها الحداد ما دامت فی العدّة.
والمراد به:ترک الزینة فی البدن؛بمثل التکحیل و التطیّب و الخضاب وتحمیر الوجه و الخطاط ونحوها،وفی اللباس بلبس الأحمر و الأصفر و الحلی ونحوها.
وبالجملة:ترک کلّ ما یُعدّ زینة تتزیّن به للزوج،وفی الأوقات المناسبة له فی العادة،کالأعیاد و الأعراس ونحوهما،ویختلف ذلک بحسب الأشخاص والأزمان و البلاد،فیلاحظ فی کلّ بلد ما هو المعتاد و المتعارف فیه للتزیین.
نعم،لا بأس بتنظیف البدن و اللباس،وتسریح الشعر،وتقلیم الأظفار،ودخول الحمّام،والافتراش بالفراش الفاخر و السکنی فی المساکن المزیّنة،وتزیین أولادها وخدمها.
(مسألة 5): الأقوی أنّ الحداد لیس شرطاً فی صحّة العدّة،بل هو تکلیف مستقلّ فی زمانها،فلو ترکته عصیاناً أو جهلاً أو نسیاناً فی تمام المدّة أو بعضها، لم یجب علیها استئنافها وتدارک مقدار ما اعتدّت بدونه.
(مسألة 6): لا فرق فی وجوب الحداد بین المسلمة و الذمّیة،کما لا فرق علی الظاهر بین الدائمة و المنقطعة.نعم،لا یبعد عدم وجوبه علی من قصرت مدّة تمتّعها کیوم أو یومین.وهل یجب علی الصغیرة و المجنونة أم لا؟قولان، أشهرهما الوجوب؛بمعنی وجوبه علی ولیّهما،فیجنّبهما عن التزیین ما دامتا فی العدّة.وفیه تأمّل و إن کان أحوط.
(مسألة 7): یجوز للمعتدّة بعدّة الوفاة أن تخرج من بیتها فی زمان عدّتها والتردّد فی حوائجها،خصوصاً إذا کانت ضروریة،أو کان خروجها لاُمور راجحة،کالحجّ و الزیارة وعیادة المرضی وزیارة أرحامها،ولا سیّما و الدیها.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 364 نعم،ینبغی بل الأحوط أن لا تبیت إلّافی بیتها الذی کانت تسکنه فی حیاة زوجها،أو تنتقل منه إلیه للاعتداد؛بأن تخرج بعد الزوال وترجع عند العشیّ،أو تخرج بعد نصف اللیل وترجع صباحاً.
(مسألة 8): لا إشکال فی أنّ مبدأ عدّة الطلاق من حین وقوعه؛حاضراً کان الزوج أو غائباً،بلغ الزوجة الخبر أم لا.فلو طلّقها غائباً ولم یبلغها إلّابعد مضیّ مقدار العدّة،فقد انقضت عدّتها،ولیس علیها عدّة بعد بلوغ الخبر،ومثل عدّة الطلاق عدّة الفسخ والانفساخ علی الظاهر.وکذا عدّة وطء الشبهة؛و إن کان الأحوط الاعتداد من حین ارتفاع الشبهة بل هذا الاحتیاط لا یترک،و أمّا عدّة الوفاة،فإن مات الزوج غائباً فهی من حین بلوغ الخبر إلیها،ولا یبعد عدم اختصاص الحکم بصورة غیبة الزوج،بل یعمّ صورة حضوره إن خفی علیها موته لعلّة،فتعتدّ من حین إخبارها بموته.
(مسألة 9): لا یعتبر فی الإخبار الموجب للاعتداد من حینه کونه حجّة شرعیة،کعدلین،ولا عدل واحد.نعم،لا یجوز لها التزویج بالغیر بلا حجّة شرعیة علی موته،فإذا ثبت ذلک بحجّة یکفی اعتداده من حین البلوغ، ولا یحتاج إلیه من حین الثبوت.
(مسألة 10): لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه حتّی تحسب العدّة من ذلک الوقت،اعتدّت من الوقت الذی تعلم بعدم تأخّره عنه،والأحوط أن تعتدّ من حین بلوغ الخبر إلیها،بل هذا الاحتیاط لا یترک.
(مسألة 11): لو فقد الرجل وغاب غیبة منقطعة،ولم یبلغ منه خبر ولا ظهر منه أثر،ولم یعلم موته وحیاته،فإن بقی له مال تنفق به زوجته،أو کان له ولیّ
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 365 یتولّی اموره ویتصدّی لإنفاقه أو متبرّع للإنفاق علیها،وجب علیها الصبر والانتظار،ولا یجوز لها أن تتزوّج أبداً حتّی تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه،و إن لم یکن ذلک فإن صبرت فلها ذلک،و إن لم تصبر وأرادت الزواج رفعت أمرها إلی الحاکم الشرعی،فیؤجّلها أربع سنین من حین الرفع إلیه،ثمّ یتفحّص عنه فی تلک المدّة.فإن لم یتبیّن موته ولا حیاته،فإن کان للغائب ولیّ-أعنی من کان یتولّی اموره بتفویضه أو توکیله-یأمره الحاکم بطلاقها،و إن لم یقدم أجبره علیه، و إن لم یکن له ولیّ،أو لم یقدم ولم یمکن إجباره،طلّقها الحاکم،ثمّ تعتدّ أربعة أشهر وعشراً عدّة الوفاة.فإذا تمّت هذه الاُمور جاز لها التزویج بلا إشکال.وفی اعتبار بعض ما ذکر تأمّل ونظر،إلّاأنّ اعتبار الجمیع هو الأحوط.
(مسألة 12): لیس للفحص و الطلب کیفیة خاصّة،بل المدار ما یعدّ طلباً وفحصاً،ویتحقّق ذلک ببعث من یعرف المفقود-رعایة باسمه وشخصه أو بحِلیته-إلی مظانّ وجوده للظفر به،وبالکتابة وغیرها کالتلغراف وسائر الوسائل المتداولة فی کلّ عصر لیتفقّد عنه،وبالالتماس من المسافرین کالزوّار والحجّاج و التجّار وغیرهم؛بأن یتفقّدوا عنه فی مسیرهم ومنازلهم ومقامهم، وبالاستخبار منهم حین الرجوع.
(مسألة 13): لا یشترط فی المبعوث و المکتوب إلیه و المستخبر منهم من المسافرین العدالة،بل تکفی الوثاقة.
(مسألة 14): لا یعتبر أن یکون الفحص بالبعث أو الکتابة ونحوها من الحاکم،بل یکفی کونه من کلّ أحد حتّی نفس الزوجة إذا کان بأمره بعد رفع الأمر إلیه.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 366 (مسألة 15): مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام،ولا یعتبر فیه الاتّصال التامّ،بل هو علی الظاهر نظیر تعریف اللقطة سنة کاملة،یکفی فیه ما یصدق عرفاً أنّه قد تفحّص عنه فی تلک المدّة.
(مسألة 16): المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلک وما هو المعتاد،فلا یعتبر استقصاء الممالک و البلاد،ولا یعتنی بمجرّد إمکان وصوله إلی مکان،ولا بالاحتمالات البعیدة،بل إنّما یتفحّص عنه فی مظانّ وجوده فیه ووصوله إلیه،وما احتمل فیه احتمالاً قریباً.
(مسألة 17): لو علم أنّه قد کان فی بلد معیّن فی زمان ثمّ انقطع أثره،یتفحّص عنه أوّلاً فی ذلک البلد علی المعتاد،فیکفی التفقّد عنه فی جوامعه ومجامعه، وأسواقه ومتنزّهاته ومستشفیاته،وخاناته المعدّة لنزول الغرباء ونحوها،ولا یلزم استقصاء تلک المحالّ بالتفتیش أو السؤال،بل یکفی الاکتفاء بما هو المعتدّ به من مشتهراتها.وینبغی ملاحظة زیّ المفقود وصنعته وحرفته،فیتفقّد عنه فی المحالّ المناسبة له،ویسأل عنه من أبناء صنفه وحرفته مثلاً،فإذا تمّ الفحص فی ذلک البلد،ولم یظهر منه أثر،ولم یعلم موته ولا حیاته،فإن لم یحتمل انتقاله إلی محلّ آخر بقرائن الأحوال،سقط الفحص و السؤال،واکتفی بانقضاء مدّة التربّص أربع سنین.و إن احتمل الانتقال،فإن تساوت الجهات فیه تفحّص عنه فی تلک الجهات،ولا یلزم الاستقصاء التامّ،بل یکفی الاکتفاء ببعض المحالّ المهمّة والمشترکة فی کلّ جهة؛مراعیاً للأقرب ثمّ الأقرب إلی البلد الأوّل،و إن کان الاحتمال فی بعضها أقوی جاز جعل محلّ الفحص ذلک البعض والاکتفاء به، خصوصاً إذا بعد احتمال انتقاله إلی غیره.و إذا علم أنّه قد کان فی مملکة أو سافر إلیها ثمّ انقطع أثره،کفی أن یتفحّص عنه مدّة التربّص فی بلادها المشهورة
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 367 التی تشدّ إلیها الرحال.و إن سافر إلی بلد معیّن من مملکة-کالعراقی سافر إلی خراسان-یکفی الفحص فی البلاد و المنازل الواقعة فی طریقه إلی ذلک البلد وفی نفس ذلک البلد،ولا ینظر إلی الأماکن البعیدة عن الطریق،فضلاً عن البلاد الواقعة فی أطراف المملکة.و إذا خرج من منزله مریداً للسفر،أو هرب ولا یدری إلی أین توجّه وانقطع أثره،تفحّص عنه مدّة التربّص فی الأطراف والجوانب ممّا یحتمل قریباً وصوله إلیه،ولا ینظر إلی ما بعد احتماله.
(مسألة 18): قد عرفت أنّ الأحوط أن یکون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلی الحاکم،فلو لم یمکن الوصول إلیه،فإن کان له وکیل ومأذون فی التصدّی للاُمور الحسبیة،فلا یبعد قیامه مقامه فی هذا الأمر،ومع فقده أیضاً فقیام عدول المؤمنین مقامه محلّ إشکال.
(مسألة 19): إن علم أنّ الفحص لا ینفع ولا یترتّب علیه أثر،فالظاهر سقوط وجوبه.وکذا لو حصل الیأس من الاطّلاع علیه فی أثناء المدّة،فیکفی مضیّ المدّة فی جواز الطلاق و الزواج.
(مسألة 20): یجوز لها اختیار البقاء علی الزوجیة بعد رفع الأمر إلی الحاکم قبل أن تطلّق ولو بعد الفحص وانقضاء الأجل،ولها أن تعدل عن اختیار البقاء إلی اختیار الطلاق،وحینئذٍ لا یلزم تجدید ضرب الأجل و الفحص.
(مسألة 21): الظاهر أنّ العدّة الواقعة بعد الطلاق عدّة طلاق و إن کانت بقدر عدّة الوفاة،ویکون الطلاق رجعیاً،فتستحقّ النفقة فی أیّامها،و إن ماتت فیها یرثها لو کان فی الواقع حیّاً،و إن تبیّن موته فیها ترثه،ولیس علیها حداد بعد الطلاق.
(مسألة 22): إن تبیّن موته قبل انقضاء المدّة،أو بعده قبل الطلاق،وجب علیها
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 368 عدّة الوفاة،و إن تبیّن بعد انقضاء العدّة اکتفی بها؛سواء کان التبیّن قبل التزویج أو بعده،وسواء کان موته المتبیّن وقع قبل العدّة أو بعدها أو فی أثنائها أو بعد التزویج.و أمّا لو تبیّن موته فی أثناء العدّة فهل یکتفی بإتمامها أو تستأنف عدّة الوفاة من حین التبیّن؟وجهان بل قولان،أحوطهما الثانی لو لم یکن الأقوی.
(مسألة 23): لو جاء الزوج بعد الفحص وانقضاء الأجل،فإن کان قبل الطلاق فهی زوجته،و إن کان بعد ما تزوّجت بالغیر فلا سبیل له علیها،و إن کان فی أثناء العدّة فله الرجوع إلیها کما أنّ له إبقاءها علی حالها حتّی تنقضی عدّتها وتبین عنه.و أمّا إن کان بعد انقضاء العدّة وقبل التزویج ففی جواز رجوعها إلیها وعدمه قولان،أقواهما الثانی.
(مسألة 24): لو حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن وتراکم الأمارات العلم بموته،جاز لها بینها وبین اللّٰه أن تتزوّج بعد العدّة من دون حاجة إلی مراجعة الحاکم،ولیس لأحد علیها اعتراض ما لم یعلم کذبها فی دعوی العلم.نعم،فی جواز الاکتفاء بقولها واعتقادها لمن أراد تزویجها،وکذا لمن یصیر وکیلاً عنها فی إیقاع العقد علیها،إشکال،والأحوط لها أن تتزوّج ممّن لم یطّلع بالحال ولم یدرِ أنّ زوجها قد فُقد،ولم یکن فی البین إلّادعواها بأنّ زوجها مات،بل یقدم علی تزویجها مستنداً إلی دعواها أنّها خلیّة بلا مانع،وکذا توکّل من کان کذلک.
کتابتحریر الوسیلة: فتاوی الامام الخمینی (س) (ج. ۲)صفحه 369