الأمر الثالث : الآیات
وهی التی یمکن الاستدلال بها علی لزوم الاجتناب عن ملاقیات النجس، ومنهـا الـمائعـات والـمیاه الـمضافـة، مثل قولـه تعالـیٰ: «وَالـرُّجْزَ
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 85 فَاهْجُرْ».
وقد استدلّ بـه الـسیّد فی «الـغنیـة» فی مسألـة انفعال الـماء الـقلیل، ولا وجـه لـلاختصاص.
ومنها: قولـه تعالـیٰ فی سورة الـمائدة: «إنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَیْسِرُ وَالْأنْصَابُ وَالْأزْلاٰمُ رِجْسٌ مِنْ عَمِلِ الشَّیْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ».
وقد استدلّ بـه جماعـة فی مسألـة حرمـة الانتفاع بالأعیان الـنجسـة، ولا وجـه للخصوصیّـة بعد تحقّق صغراهما فی الـملاقیات بالـسرایـة والاکتساب؛ لـغةً وعرفاً وطبعاً ووجداناً.
ومنها: قولـه تعالـیٰ «یَأمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهٰهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّبَاتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبَائِثَ».
وقد استدلّ بـه جماعـة فی الـمسألـة الـسابقـة، والأمر کما مضیٰ، ووجـه الـتقریب فی الـکلّ واحد وواضح.
وهکذا قولـه تعالـیٰ فی سوره الـمائدة: «یَسْئلُونَکَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَکُمُ الطَّیِّبٰاتُ».
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 86 فإنّ قضیّـة الـمفهوم ممنوعیّـة الـخبائث، ومنها الـمیاه الـمضافـة الـملاقیـة للأنجاس والـمکتسبـة للقذارة بها، وتوهّم انصراف تلک الآیات إلـی الـنجاسات الأصلیّـة دون الاکتسابیّـة، لا یرجع إلـیٰ محصّل.
نعم، هی أخصّ من الـمدّعیٰ؛ لـعدم حصول الـقذارة فی جمیع الـملاقیات کما عرفت.
ولا یخفیٰ: أنّـه لا منع من الـتفصیل بین الـملاقیات، کما فصّل کثیر من الـمعاصرین فی الـوسائط الـکثیرة، فکما أنّهم الـتزموا بـه هناک؛ لـعدم تحقّق صغری الـکبری الـکلّیـة الـزاجرة عن الأقذار، لـقصور الـسرایـة عرفاً، ولعدم الـنصّ خصوصاً إلاّ فی ثلاث وسائط مثلاً، کذلک لـنا الـتفصیل بین ملاقی الـنجس الـذی یعدّ عرفاً مصداق الـنجس والـقذر، وبین ما لایعدّ، بعد ثبوت قصور النصوص الخاصّـة عن إیجاب الاجتناب علی الـنعت الکلّی.
هذا، ولکنک خبیر: بقصور هذه الآیات عن إثبات الـحکم ولو فی الـجملـة فیما نحن، وقد تعرّضنا لـها فی الـمکاسب الـمحرّمـة، وأنّها هنالـک لا تنفع شیئاً، فضلاً عن هذه الـمسألـة.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 87