الأقوال فی موضوع الجاری

‏‏الأقوال فی موضوع الجاری‏

‏‏ ‏

‏‏هذه عمدة الـمحتملات فی الـمسألـة، وفیها قولان، بل أقوال:‏

‏‏الـمنسوب إلـی الـمشهور ـ بل فی «الـمدارک» و«الـدلائل»: إجماع‏‎ ‎‏الأصحاب ـ أنّ الـجاری لا عن نبع، من أقسام الـراکد‏‎[1]‎‏.‏

‏‏وعن ابن أبی عقیل نفی اعتبار الـنبع‏‎[2]‎‏، ولعلّـه یرید کفایـة مطلق‏‎ ‎‏الـمادّة مع الـسیلان، ولکنّ فی الـنسبـة إشکالاً.‏

‏‏وظاهر ما نسب إلـی الـوالـد الـمحقّق - مدّظلّه - کفایـة الـرشح، بل فی‏‎ ‎‏کلامـه کفایـة تبدّل الأبخرة إلـی الـماء فی صدق «الـجاری» ولا حاجـة إلـیٰ‏‎ ‎‏وجود الـمخزن تحت الأرض فی صدقـه‏‎[3]‎‏، وإن کان ظاهر «الـنبع» الـواقع‏‎ ‎‏فی کلماتهم یوهمـه، فتأمّل.‏

‏‏والذی هو التحقیق:‏‏ کفایـة مطلق الـمادّة، ولا دلیل علی الـخصوصیّـة،‏‎ ‎

‏
‏‎

‎‏کیف وأکثر الأنهار الـکبیرة ـ کالـفرات ودجلـة ونهر الاُردن وغیرها ـ من‏‎ ‎‏الـثلوج الـمتمرکزة فی قُلَل الـجبال؟! بل الـعیون کلّها منها، وتزداد وتنقص‏‎ ‎‏بها، وربّما تجفّ؛ لـعدم نزول الأمطار و(الـبروف).‏

‏‏ولکن کفایـة الـمادّة الـحاصلـة من غیر الـطریق الـطبیعیّ ـ کمخازن‏‎ ‎‏الـمیاه فی الـمدائن ـ ممنوعـة جدّاً، کما أنّ الـنبع الـحاصل بحیلـة الإنسان‏‎ ‎‏غیر کافٍ؛ ضرورة أنّـه لا یعدّ «جاریاً» أو یکون ‏‏«الجاری»‏‏ فی الأدلّـة منصرفاً‏‎ ‎‏عن هذه الـفروض، ومنصرفاً إلـی الـصور الـتی تجری الـمیاه ومن ورائها‏‎ ‎‏الـموادّ الـتی هی أساسها، وتلک الـموادّ تکون طبیعیّـة، لاجعلیّـة وصناعیّـة،‏‎ ‎‏فلو فرضنا أنّها «الـماء الـجاری» عرفاً، ولکنّها منصرف عنها الـمآثیر‏‎ ‎‏والأخبار، کما لایخفیٰ.‏

‏‏فتحصّل:‏‏ شرطیّـة الـسیلان فی الـجملـة، دون الـنبعان، ویکفی مطلق‏‎ ‎‏الـمادّة، وما أفاده الـمشهور: «من أنّـه الـنابع الـسائل» غیر تامّ؛ لـنقضـه‏‎ ‎‏بالـنابع الـمصنوع غیر الـطبیعیّ، لـعدم إطراد سائر الـموادّ الـتی یصدق معها‏‎ ‎‏«الـجاری» قطعاً.‏

‏‏وإن شئت قلت:‏‏ «‏‏الجاری‏‏» فی الـمآثیر، عنوان یشیر إلـیٰ ما یرتکز عند‏‎ ‎‏الـعرف والـعقلاء، ولا حاجـة إلـیٰ تحدید الـفقهاء، بل فی ذلک إغراء‏‎ ‎‏بالـجهل، وإلـقاء فی الـتهلکـة؛ لأنّـه من الـموضوعات الـعرفیّـة الـواضحـة‏‎ ‎‏عندهم، فکما أنّهم ‏‏علیهم السلام‏‏ لا یعرّفون الـموضوعات الـعرفیّـة؛ لأنّ الـعرف هو‏‎ ‎‏الـسند فیها، فکذلک علی الـفقهاء الـعظام ذلک.‏

‏‏ ‏

‏‏ ‏

‏‎ ‎

‏‎

‎