توهّم دلالة السعة علی الشکل الاسطوانی
وقد یشکل: بأنّ الـمتفاهم الـعرفیّ من قولـه : «سعته» هو الـشکل الـدوریّ، فإنّـه الـمتعارف فی الـکرّ أوّلاً مع عدم ذکر من الـطول والـعرض، مع أنّـه لایکون جمیع الأطراف أشباراً ثلاثـة؛ لأنّ بین الـنقطتین الـذی هو قطر الـمربّع، أکثر من الأضلاع، فعندئذٍ لابدّ من کون سطح الـدائرة ثلاثـة أشبار ، وعمقها أربعـة.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 312 وإذا أردت معرفـة الـمجموع، فعلیک أوّلاً معرفـة مساحـة سطح الـدائرة، ثمّ الـضرب فی الـعمق، وتلک الـمساحـة تحصل من ضرب الـشعاع ـ وهو نصف الـقطر ـ فی نفسـه، ثمّ ضرب الـحاصل فی الـعدد «پی»، وهو 14 / 3، فإذا حصل منـه 065 / 7 فاضربـه فی الأربعـة أشبار، فیحصل منـه الـثمانیـة والـعشرون شبراً وستّـة وعشرون فی الـمائـة؛ أی 26 / 28، فلا تدلّ الـروایـة علیٰ ماهو الـمعروف منها.
وأمّا توهّم دلالتها علیٰ أنّـه الـسبعـة والـعشرون تسامحاً، فهو فاسد؛ لعدم الـمعنی للتسامح فی الـتحدیدات إلاّ علی الـوجـه الـذی ذکرناه، فعلیٰ هذا تکون الـروایـة ظاهرة فیغیر ما ذهب إلـیـه الاُمّـة، ومفادها أمر وراء ما اختاره الأصحاب إلاّ من شذّ.
إبطال التوهّم السابق
وفی کون الـظاهر منـه الـشکل الـدوریّ إشکال، بل منع؛ ضرورة أنّ الـعرف لایجد خصوصیّـة للشکل، بل یجد أنّ هذه الـروایـة وأمثالـها فی جمیع الـمقامات، ظاهرة فی إفادة الـمقدار الـذی یتسع بـه هذه الـمساحـة، سواء کانت دوریّـة أو مکعّبـة، واختیار الـدور ـ لـکون بعض الـظروف دوریّاً ـ غیر صحیح؛ للزوم توهّم خصوصیّـة من بین الأشکال، فالـمراد إفادة الـمقدار الـمذکور، وسواء فیـه جمیع الأشکال، ولا نظر إلـی الـشکل الـخاصّ.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.۱)صفحه 313