توهّم اختصاص الاستنجاء بغسل موضع الغائط وجوابه
إن قلت: الاستنجاء من الـنجو؛ وهو مایخرج من الـبطن من ریح أو غائط، فلا وجـه لإرادة الـبول منـه، ولذلک ألحقوه بـه حکماً؛ للغلبـة وأمثالها.
قلت: قال فی «الأقرب»: «استنجیٰ منـه استنجاءً خلص، والـشجرةَ قطعها من اُصولها، وحاجتـه منـه استخلصها، والـرجلُ غسل موضع الـنجو، أو مسحـه بالـحجر أو الـمَدَر.
والأوّل: مأخوذ من استنجاء الـشجرة؛ لأنّـه یزیل الأثر.
والثانی: من استنجاء الـنخلـة؛ لالتقاط رطبها، لأنّ الـمسح لایقطع الـنجاسـة، بل یبقی أثرها، انتهیٰ ما فی «الـمصباح» انتهیٰ.
وبعد الـمراجعـة إلـیٰ موارد الاستعمال فی الأخبار، یعلم أنّ الاستنجاء الـمستعمل فی الـمآثیر، لـیس مأخوذاً من الـنجو، أو یکون استعمالـه فی الأعمّ إلـیٰ حدّ صار متعارفاً، فعن عمّار الـساباطیّ، عن أبی عبداللّٰـه علیه السلام قال: سألتـه عن الـرجل إذا أراد أن یستنجی بالـماء، یبدأ بالـمقعدة أو الإحلیل؟
قال: «بالمقعدة، ثمّ الإحلیل».
وعنـه أیضاً یقول: سمعت أبا عبداللّٰـه علیه السلام یقول: «لو أنّ رجلاً أراد أن
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 128 یستنجی من الغائط...».
وهکذا ممّا یشهد علی الأعمّیـة فی محیط الـروایات ، فتأمّل.
فتحصّل إلیٰ هنا: أنّ الـروایات الـثلاث واحدة، ولا ظهور لـها فی أنّ موردها کان من ماء الاستنجاء بالـمعنی الأخصّ الـذی هو الـمقصود هنا من إثبات طهارتـه.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 129