الجهة الثالثة : فی بیان حکم سائر التصرّفات
وأنّـه هل هو جائز، أم لا؟ وجهان:
من أنّ الـعلم الإجمالـیّ بالـغصبیّـة، یورث تنجّز جمیع أحکام الـغصب. مع أنّ قضیّـة أصالـة الـحرمـة، هو الـمنع عنـه.
ومن أنّ الـعلم الإجمالـیّ الـمزبور لایورث فی مورده شیئاً؛ لأنّ الـتوضّی بالـماء الـنجس، لـیس من الـمحرّمات الـشرعیّـة، فیرجع ذلک إلـی الـعلم الإجمالـیّ ببقاء وجوب الـوضوء علیـه إذا توضّأ بـه، وحرمـة الـتصرّف، وحیث إنّ قضیّـة الاستصحاب بقاء الأمر، ینحلّ الـعلم بالـنسبـة إلـی الـطرف، وتصیر الـنتیجـة جواز الـتصرّف حتّی الـتصرّف الـوضوئیّ، إلاّ أنّـه لایصحّ الاکتفاء بـه.
والـذی عرفت منّا حسب اقتضاء الـقواعد: حرمـة الـتصرّف، من غیر الـحاجـة إلـی الـعلم الـمزبور، فتدبّر.
وأمّا توهّم عدم إمکان انحلال الـعلم بالأصل الـمحرز، فقد مرّ دفعـه:
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 263 بأنّ قاعدة الاشتغال تکفی لـه؛ لأنّ وجـه الانحلال عدم حدوث الـتکلیف الإلزامیّ بالـعلم الإجمالـیّ، وهو بعد ثبوت الـتکلیف قبل الـعلم حاصل، فتأمّل جدّاً.
ومن عجیب ما سطّر فی الـمقام، توهّم الـتعارض بین قاعدة الـطهارة والـحلّ؛ بناءً علیٰ جریان الأخیرة!!
فإنّک خبیر: بأنّ الـمعارضـة بین الاُصول فی الأطراف عرضیّـة، لا ذاتیّـة، فیکون وجـه ذلک وجود الـجامع الـمناقض لـلأصلین؛ وهو الـعلم الإجمالـیّ بالـحکم الـمخالـف مع مفادهما، وحیث لا علم إجمالـیّ إلاّ بالـنسبـة إلـی الـشرب، فأیّ معارضـة بینهما؟!
نعم، بالـنسبـة إلـی الـتصرّفات الـناقلـة ـ بناءً علیٰ کون الـماء الـنجس کالأعیان الـنجسـة حکماً ـ یشکل تنفیذها وتجویزها؛ لأنّـه یعلم إجمالاً بحرمتها؛ إمّا لأجل نجاستـه، أو لأجل مغصوبیّتـه. ولکن مع ذلک إنشاء الـمعاملـة لـیس محرّماً؛ لأنّ إنشاءها علیٰ مال الـغیر، لایعدّ من «الـتصرّف» عرفاً، علیٰ ما تقرّر فی الـفضولیّ.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 264