مسألة: فی حکم إنفحة ما لا یؤکل لحمه
إنفحـة غیر الـمأکول، أو إنفحـة الـمأکول ذاتاً وغیر الـمأکول عرضاً کالـجلاّل، أو إنفحـة الـمأکول غیر الـمتعارف، کالـحمار والـفرس، أو إنفحـة غیر الـمتعارف فی الاستفادة، کإنفحـة الـبقر والإبل، طاهرة کإنفحـة الـجدی والـحمل، أم هی نجسـة؛ بناءً علیٰ کونها مع قطع الـنظر عن هذه الأخبار الـواردة فی خصوصها نجسـة.
فالـکلام هنا حول ما إذا کانت الإنفحـة مع قطع الـنظر عن هذه الأخبار، نجسـة ذاتاً أو عرضاً، وإلاّ فلو کانت هی طاهرة فلا حاجـة إلـیٰ إدراجها تحت مفادها.
إذا عرفت ذلک فربّما یقال: بأنّ بعد فرض کون الإنفحـة من الـمیتـة حسبما عرفت منّا، والـمیتـة من الـنجاسات الـعینیّـة، فالاستثناء منها یقتضی طهارتها، من غیر الـنظر إلـیٰ أنّ هذه الـمیتـة قبل الـموت کانت مأکولـة اللحم، أو غیر مأکولـة اللحم؛ لاشتراک میتـة الـکلّ فی الـنجاسـة وهی الـمستثناة من الـمیتـة، لا من الـحیوان الـکذائیّ الـطاهر الـعین حتّیٰ یختلف بین أنواع الـحیوان.
وأمّا اشتمال بعض الأخبار علیٰ أنّها ممّا یکثر انتفاع الـخلق منها،
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 433 وهذا یختصّ بطائفـة دون طائفـة، فهو لا یورث تفصیلاً فی الـمسألـة؛ لأنّ ذلک ممّا یعدّ حِکْمـة فی الـحکم، وإلاّ یلزم الـقول بنجاسـة الإنفحـة ممّا لایؤکل عادة کالـحمار، وبطهارة ما یجعل فی الـجبن ممّا لایؤکل مطلقاً؛ لأنّ الـمیزان هو الـمتعارف فی الانتفاع من الإنفحـة، لا من حیوانها کما لا یخفیٰ.
فالـقول بأنّ الإنفحـة من الـکلّ فی حدّ واحد، قویّ جدّاً، وما تریٰ فی کتب الأصحاب من الاغتشاش، ناشئ من الـغفلـة عن حقیقـة الـحال.
هذا، وحیث عرفت: أنّ الإنفحـة هی الـمظروف، وعرفت الإشکال فی شمول دلیل طهارة مٰا لاٰ تحلّـه الـحیاة لـمثلـه، فیشکل طهارتها الـذاتیّـة؛ لأنّها من الـمیتـة عرفاً، وملحقـة بها حکماً، فلولا ما ذکرناه یکون الـقول بنجاستها الـذاتیّـة قویّاً جدّاً.
وأمّا توهّم عدم صدق «الإنفحـة» علیٰ غیر الـمأکول لـحمـه، مستدلاًّ بالـروایـة کما فی «الـمصباح» فهو ـ مضافاً إلـیٰ ضعف الاستدلال ـ یورث الـحصر بمورده.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الطهاره (ج.2)صفحه 434