المسألة الاُولیٰ
حول کلمة «بشّر»
بشّره بـه: أخبره ففرح، الـبِشارة ـ بالـکسر الـخبر یؤثّر فی الـبَشَرة تغیّراً، وهذا یکون للحزن أیضاً، لکن غلب استعمالـه فیما یُفرح. انتهیٰ ما فی «الأقرب».
وفی الـراغب: أنّ بَشَرْتُـه عامّ، وأبشرتـه نحو أحمدتـه، وبشّرتُـه علیٰ الـتکثیر، وقال تعالـیٰ: «فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ»، وقال: «فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِیمٍ»، «بَشِّرِ المُنَافِقِینَ بِأَنَّ لَهُمْ»، «وَبَشِّرِ الَّذِینَ کَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِیمٍ»؛ فاستعارة. انتهیٰ.
والذی یظهر: أنّ أصل الـبِشارة لیس فیـه الـفرح بحسب اللغـة، فلا
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 7 مجاز ولا استعارة فی الآیـة وأمثالـها؛ لأنّ غلبـة استعمالـها فی الأنباء الـمُفرحـة، لا تکون إلـیٰ حدّ الـحقیقـة فیها. نعم فی عصرنا ومصرنا لا یبعد ذلک، وفی الـحدیث: «اُمرنا أن نبشر الـشوارب بشراً»؛ أی نُخفیها لیبین ظاهر الـجلد، ففی عصر الـقرآن ومصره لا یثبت الـمجاز، ویکون الـمعنیٰ هو الـخبر الـمؤثّر فی الـعروق، الـموجب لتغیّر الـوجـه وبَشَرة الـجِلْد. نعم إنّ الـهیئـة لم یعهد تعدّیها إلـیٰ مفعولین إلاّ مع الـواسطـة، کما رأیتَ فی الآیات الـسابقـة ودَرَیتَ من اللغـة.
وممّا یؤیّد ما ذکرنا قولـه تعالـیٰ: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَیٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً»، «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمٰنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً».
ویؤیّد ما ذکرنا إطلاق الـبَشر علیٰ الإنسان باعتبار ظهور بَشَرتـه، فی قبال الـحیوانات الـمختلفـة نوعاً بالـشعر والـصوف وغیرهما.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 8