الوجه الحادی عشر
شرائط البقاء فی الجنّة
و من تلک الـوجوه کون الـکلام قابلاً للقبض والـبسط؛ من غیر أن یختلّ اُسلوب الـمحاورة وأساس الـتراکیب اللفظیـة، مثلاً: هذه الآیـة مع صراحتها الـبدویـة فی أنّ الـمؤمنین الـعاملین للصالـحات، یتنعّمون فی الـجنّات الـتی تجری من تحتها الأنهار، ویلتذّون بالأثمار والأزواج الـمطهّرة، یمکن الـمناقشـة فی ذلک: بأنّ مجرّد کون الـمؤمنین لهم الـجنّات الـکذائیـة، لایدلّ علیٰ تنعّمهم فیها بما یرد علیهم، وبما فیها من الـنعم الـطعمیـة وغیرها؛ لسکوت الآیـة عنها.
ولذلک تندفع شبهـة الـقائلین: بأنّ الـکفر بعد الإیمان لایضرّ، مستدلّین بالآیـة؛ غافلین عن أنّ هذه الآیـة تفید مالـکیّتهم للجنّـة الـکذائیـة واستحقاقهم للجنّات بخصوصیاتها، ولکن لایصل إلـیهم حقّهم؛ لأنّهم محجورون عنها ومحجوزون لمانع وهو الـکفر؟
وهکذا الـشبهـة الاُخریٰ وهو: أنّ مجرّد الإیمان بالـمبدأ والـعمل یکفی
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 50 ولو لم یعتقدوا بالآخرة والـمعاد. نعم الاعتقاد بالآخرة لازم عقلاً وشرعاً، ولکن الـنعیم والـخلود فیها حقّ الـمعتقدین بالـمبدأ والـعاملین بالـصالـحات والأعمال الـحسنـة.
وأنت خبیر بأنّ مقتضیٰ الـجمع بین الآیات هو أنّ من لایعتقد بالآخرة لاینجح، ومع ذلک لامنع من کونـه لأجل الإیمان والـعمل الـصالـح مستحقّاً للثواب من وجـه، وممنوعاً ومحجوراً من وجـه آخر، کما هو کذلک بالـنسبـة إلـی الـمالـکین الـمحتَجَزین والـممنوعـة أموالـهم فی هذه الـنشأة، وفی الـجزائیات والـحقوق، فتدبّر جیّداً.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 51