المسألة السادسة
حول تعدّد الإرادة من الله تعالیٰ
من الـمسائل الـخلافیـة بین أصحاب الـتحقیق وأرباب الـقشر والـظواهر، حدیث تعدّد الإرادة الإلهیـة الـفعلیـة بعد إنکار هم الإرادة الـذاتیـة، نعوذن باللّٰه من الـکفر والإلحاد ومن الـشرک والإفساد، فکیف
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 169 یرتضون وجود صفـة کمالـیـة لأصل الـوجود لأنفسهم دون اللّٰه تبارک وتعالـیٰ مع ظهور الآیات من نسبـة الإرادة إلـیـه تعالـیٰ؟! وأمّا الآیات الـموهمـة لتعدّدها، فمنها قولـه تعالـیٰ: «ثُمَّ اسْتَوَیٰ إلَی السَّمَاءِ»بعد قولـه تعالـیٰ: «خَلَقَ لَکُمْ»، ولا معنیٰ لذلک إلاّ بتعدّد الإرادتین، فتکون الإرادة من صفات الـفعل عندهم؛ غافلین عن أنّ الإرادة الـتی من الـصفـة تحتاج فی تحقّقها إلـیٰ الإرادة، فیلزم الـتسلسل، وعند ذلک نقول: إنّ تعدّد الأفعال أو تعاقب الاُمور الـکثیرة لایلزم منـه تعدّد الإرادة؛ لإمکان تعلّقها من الأوّل بالـشیئین الـمتعاقبین، مع کون الـمراد أیضاً واحداً، والـتعاقب فی لوازم ذلک الـمراد بالـذات، وتفصیلـه فی محلّـه.
وعلی هذا یتعدّد الـنسب بین صاحب الإرادة وبین تلک اللـوازم والـحدود والـعناوین، وهی الـخلق والاستواء، أو خلق الأب ثمّ الابن، فتعالـیٰ اللّٰه عمّا یقول الـظالـمون عُلُوّاً کبیراً، وقد قال اللّٰه تعالـیٰ: «یَفْعَلُ اللّٰهُ مَا یَشَاءُ» فکیف یکون الـمشیئـة صفـة الـفعل، نعم الـمشیئـة فیـه لمکان کونها عن الـعلم الـمطلق والـقدرة الـمطلقـه، تکون أزلیـة واقعـة علیٰ الـمصالـح الـکلّیـة، ویکون الـمراد شیئاً واحداً کلّیّاً سِعیّاً لامفهومیّاً، وهذا الـبرهان أبدعناه ونوّرنا اللّٰه بـه علیٰ أصالـة الـوجود وإلاّ فلیزم تعدّد الإرادة الـفاعلیـة لتعدّد الـماهیّات و تباینها الـذاتی، فافهم واغتنم.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 170