البحث الأوّل
حول وجوب الوفاء بالعهد
أنّ مقتضیٰ إطلاق الأمر بالـوفاء بالـعهد، وهو الـقرار الأعمّ من الـمقرّرات الإلهیـة الـمعبّر عنها بالـتکالـیف، ومن الـمقرّرات بین الـخلق بعضهم مع بعض، فتکون الآیـة من قبیل قولـه تعالـیٰ: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ».
وفیـه ـ مضافاً إلـیٰ ما سیأتی من الـمناقشات الـمحرّرة عندنا فی موسوعتنا الـفقهیـة حول الآیـة الـمشار إلـیها ـ أنّ الآیـة لا إطلاق لـها؛ لـظهور إضافـة الـعهد إلیـه تعالـیٰ فی الـعهد الـخاصّ الـمقرّر من قِبَلـه تعالـیٰ علیهم وعلیٰ کافّـة الـناس ولو لـم یکونوا یهوداً؛ لأنّهم لابدّ وأن یکونوا قبل الإسلام نصاریٰ بعد ما کان آباؤهم الـسالـفون یهوداً، وعند ذلک لاینعقد الإطلاق کی یشمل مطلق الـعهود، وتکفی للقرینـة جملـة «بِعَهْدِکُمْ» ممّا فیـه
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 552 الـثواب والأجر مثلاً.
ولو استشکلت فی الـجملـة الأخیرة؛ لأنّ ظاهرها کون الـعهد من قِبَل بنیإسرائیل ـ مثلاً ـ لامن قِبَل عهد اللّٰه لـهم بالـثواب، للزوم کونـه أیضاً عهده، فیکون مثل الـعهد الأوّل فی الإضافـة، فهو إشکال علیٰ الآیـة یأتی ـ إن شاء اللّٰه ـ حلّـه، ویورث إجمالاً وإبهاماً یشکل عقد الإطلاق، فالآیـة لاتدلّ علیٰ وجوب الـوفاء بمطلق الـعقود، مع أنّ جملـة «وَإِیَّایَ فَارْهَبُونِ» أیضاً خلاف الـعموم الـمذکور علیٰ الأشبـه، مع عدم فهم الـمفسّرین ذلک منها.
هذا، مع أنّ الأقوال فی معنیٰ الـعهد بلغت إلـیٰ الأربع والـعشرین، کما فی «الـبحر الـمحیط»، والاختلاف الـمذکور یوجب إعضال الـفاضل فی ظهور الآیـة الـشریفـة، إلاّ أنّ الإنصاف أجنبیّتها عن مسألـة الـعقود الـمعاملیـة إطلاقاً وعموماً، مع أنّ اختصاص الـصدر بالـعنوان الـخاصّ ـ وهو بنو إسرائیل ـ أیضاً مخالـف لـما ذکرناه.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 553