البحث السابع
وجوب الإحسان
أنّ قولـه تعالـیٰ: «أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ» یدلّ مجموعاً علیٰ أنّ الـبرّ مورد الأمر، فیکون الإحسان والـبرّ واجباً، وهذا أمر صریح فی قولـه تعالـیٰ: «إِنَّ اللّٰهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ» وقولـه تعالـیٰ: «وَتَعَاوَنُوا عَلَی الْبِرِّ وَالتَّقْوَیٰ» وهذا أمر واجب بحسب الـشریعـة الإسلامیـة وشریعـة الـعقل الـفطری، والـمناقشـة أحیاناً فی حسن الإحسان، ترجع إلـیٰ کون مورد الـنقاش إحساناً وبرّاً، وإلاّ فکلّ ما کان برّاً وإحساناً فهو ممّا یُدرک الـعقل لـطفـه وحسنـه.
أقول: هذه الـمسألـة بحسب الـطبع وإدراک الـعقل ممّا لاخدشـة فیها، وأمّا کونها واجبـة شرعاً کسائر الـواجبات الإلهیـة، فمحلّ منع؛ لـقیام الـضرورة علیٰ ذلک.
هذا، مع أنّ مقتضیٰ الأمر بالإحسان ـ کما فی مورد الـوالـدین ـ کفایـة
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 559 الإحسان مرّة واحدة؛ لـسقوط الأمر بالـطبیعـة عند أوّل مصداق الـمأمور بـه، کـمـا فی غیـره، فإذا أتیٰ الـمکلّف بالـبرّ مرّة واحدة، فهو کافٍ، ومن الـبرّ الـصلاة والـصوم وغیرهما، فیعلم من ذلک أنّـه أمر إرشادی إلـیٰ مقتضیّات الـطینـة الإنسانیـة.
والآیـة بصدد إحیاء الـمرتکزات الـبشریـة والـخُلْقیات الـفطریـة، مع أنّـه یلزم الـتخصیص الـمستهجَن، کما لایخفیٰ فتدبّر.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 560