الأمر الثالث
دلالة الآیة علیٰ رؤیة الله
ربّما یستدلّ بقولـه تعالـیٰ: «مُلاَقُوا رَبِّهِمْ» علیٰ جواز اللقاء الـخارجی الـمتعارف الـموجود بین الأجسام، فتدلّ الآیـة علیٰ جواز رؤیـة اللّٰه تعالـیٰ أو تجسّمـه یوم الـقیامـة.
وفیه أوّلاً: أنّها لـو کانت تدلّ فتدلّ علیٰ الأعمّ من الـدنیا والآخرة.
وثانیاً: قد تحرّر أنّ الـربّ الـمطلق ممتنع لـقاؤه دون الـمقیّد، فربّما یجوز لقاؤه فی الـسفر الـثانی أو الـثالـث من الـخلق إلـیٰ الـحقّ.
وثالثاً: لاننکر ظهور هذه الآیات ـ بحسب الـطبع لـغـة ـ فی الـتجسّم والـرؤیـة واللمس، إلاّ أنّ ضیق الـخناق فی محیط اللغات، الـتی یکون الـمتصدّی لـوضعها أراذل الـناس وعوامّهم، أو خواصّهم الـمتأثّرین بالـزمان والـمکان، غیر الـنائلین للمعانی الـروحانیـة والـمعارج الـمعنویـة
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 566 والـمدارج الإلهیـة، الـبعیدة عن أذهان الـناس إلاّ من شذّ، فعندئذٍ یمنع جواز الاستدلال بل والـظهور فی هذه الاُمور الاعتقادیـّة، الـتی تدور مدار الـعقول الـقادسـة والأفهام الـنافذة الـخاصّـة بطوائف نادرة والأنبیاء والأولیاء، فلایتمکّنون إلاّ أن یتکلّموا علیٰ الـوجـه الـمتشابـه، فإنّ الـقرآن کتاب متشابـه تقشعرّ منـه الـجلود، فاغتنم.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 567