البحث الأوّل
تدبیر الاُمور بید الله
فی نسبـة الـنعمـة الـتی أنعمها علیهم إلـیـه تعالـیٰ شهادة علیٰ صحّـة الـنسبـة، وهو فرع کونـه تعالـیٰ فاعل الـنعمـة وعلّتها وخالـقها، وتلک الـنعمـة إمّا عامّـة للوجود وکمالـه، أو کثیرة کاستنقاذهم من بلاء فرعون، وجعلهم أنبیاء وملوکاً، وأنزل علیهم الـکتب الـمعظّمـة، وظلّل علیهم فی الـتَّیـه الـغمامَ، وإنزال الـمنّ والـسَّلْویٰ علیهم، وأعطاهم عموداً من الـنور لـیضیء لـهم باللیل، وکانت رؤوسهم لاتنشعث، وثیابهم لاتبلیٰ، وفی جملتها اشتمال الـکتب الـسالـفـة علیٰ الـشهادة بنبوّة نبیّ الإسلام، وهذه الـنعم علیٰ آبائهم الـواصلـة إلـیهم طبعاً؛ لـوصول کمالـها إلـیهم مع إدراکهم عصر الـنبیّ صلی الله علیه و آله وسلم.
فکلّ هذه الأفعال فعل اللّٰه وخلق اللّٰه حقیقـة، ولیست الـوسائط إلاّ بالـجعل الـفانی فی الـجاعل الـحقیقی، فهو تعالـیٰ مدبّر الاُمور ومالـک
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 574 الـمعالـیل والـعلل، ولیس هو منعزلاً عن الـخلق، بل هو أقویٰ من الـوسائط وأقرب، کما تحرّر أنّـه تعالـیٰ إلـیٰ الـمصادر أنسب من الـمباشر، وهو تعالـیٰ أقرب إلـیٰ معالـیلنا منّا؛ لأنّـه مُفیض الـوجود، ونحن الـمستعدّون.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 5)صفحه 575