حول عدم اشتراط کون المبیع أو الثمن عیناً
قد اشتهر بینهم: أنّ حقیقـة الـبیع وماهیـة الاشتراء متقوّمـة ب الـمبادلـة بین الأعیان، وذهب جمع منهم إلـیٰ کفایـة کون الـمبیع عیناً دون الـثمن، واخترنا فی محلّـه أنّ فی ماهیّـة الـبیع والاشتراء لیس هذا ولا ذاک، ومن أدلّتنا هذه الآیـة الـشریفـة وأمث الـها، فإنّـه وإن کان الاستعمال فی الـمقام من الـمجاز، إلاّ أنّ الاستعارة و الـمجاز لایصحّ فی کلّ مقام؛ ضرورة اعتبار الـتناسب بین الـمعنیٰ الـحقیقی و الـمعنیٰ الاستعاری، وأنّـه لابدّ وأن یساعد الاعتبار علیـه، وعندئذٍ یُستفاد من الآیـة : أنّ ماهیـة الاشتراء لیست متقوّمـة بکونها مضافة إلـیٰ الأعیان ومتعلّقـة بها؛ لأنّ الـضلالـة و الـهدیٰ من المعانی.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 26 وأمّا دعویٰ: أنّـه من باب الادّعاء، وکأنّـه ادّعیٰ ضمناً أنّ الـضلالـة عینٌ تُباع وتُشتریٰ، وهکذا الـهدایـة مثلاً، فوقع بینهما الـمبادلـة والاستبدال.
فهی غیر نقیّـة جدّاً؛ لاستبعاد الـناس ذلک، ویکون هذا من الـدعویٰ بلا مصحّح، فإنّ فی دعویٰ أنّ زیداً أسد، لابدّ من مصحّح لها، وهی الـشجاعـة، ولا مصحّح فی الـمقام.
وتوهّم: أنّ الـنظر فی الادّعاء إلـیٰ تصحیح استعارة لفظـة «الاشتراء»، فاسد ب الـضرورة.
فمن هذه الآیـة نستخرج جواز بیع ما لا یعدّ عیناً، کما فی بیع « الـسَّرْقُفلیـة» الـتی هی من الاُمور الـمتعارَفة فی هذه الأعصار والأمصار.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 27