المسألة الثانیة
حـول الوجود اللائق بجنابه تعالیٰ
من الـمسائل الـمُعَنْونـة الـعقلیـة، ولاسیّما فی بعض الـمؤلّفات العرفانیـة هو : أنّ الـوجود الـذی یلیق بجنابـه تع الـیٰ، هل هو الـوجود الخاص، کما هو زعم الـحکماء الـمعبّر عنـه ب الـلابشرط الـقسمی، أم هو الـوجود الـمطلق الـعامّ، کما هو زعم الـعرفاء الـمعبّر عنـه ب الـلابشرط الـمقسمی؟
وحیث إنّ لکلٍّ من الـمسلکین مناقشـة لایمکن الالتزام بـه؛ ضرورة أنّ دعویٰ الـوجود الـخاصّ یستلزم الـتحدّد الـممنوع عقلاً، و الـوجود الـمطلق یلازم الـمزاولـة مع الـوجودات الـنازلـة، مع أنّـه داخل فی الأشیاء لا ب الـمزاولـة، وخارج عنها لا ب الـمفارقـة، وأنّـه داخل فیها لا کدخول شیء فی شیء، وخارج عنها لا کخروج شیء عن شیء، وأنّـه لیس فی الأشیاء بو الـج، ولا عنها بخارج؛ حسب ما وصل إلـینا من سلطان الـمعارف وأمیر
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 199 الـحقائق ومبدأ الـوحی و الـتنزیل و الـروح الأمین أمیر الـمؤمنین ـ علیـه آلاف الـتحیّـة و الـثناء إلـیٰ یوم الـدین و الـلعنـة الـدائمـة علیٰ أعدائـه أجمعین ـ فیکون هناک قول عدل ورأی جزل، کما نشیر إلـیـه ـ إن شاء اللّٰه تع الـیٰ ـ وتفصیلـه فی موقف آخر.
وربّما یستشمّ من هذه الآیـة الـشریفـة؛ من استناد الإحاطـة والاستیلاء إلـیٰ ذاتـه تع الـیٰ علیٰ الـکفّار وغیرهم، أنّـه هو الـوجود الـمطلق، فتکون هذه الآیـة من مؤیّدات مق الـة أهل الـذوق و الـعرفان.
والذی هو التحقیق: أنّ اللّٰه تع الـیٰ إحاطتـه بالأشیاء أمر ووصف من أوصافـه الـذاتیـة، ولـه الـتجلّی الـذاتی، فإذا تجلّیٰ باسم الـمحیط تکون إحاطتـه بالأشیاء عین وجود هذه الأشیاء، الـذی هو عین حقیقـة فعلـه وتجلّیـه الـفعلی، فهذه الآیـة الـشریفـة تدلّ علیٰ الأمرین: الأوّل أنّـه تع الـیٰ ذات موصوفـة بالإحاطـة، و الـثانی أنّ لـه الإحاطـة علیٰ الأشیاء، إلاّ أنّ إحاطتـه الـتی هی تجلّیـه الـفعلی، من الـمعانی الاندکاکیـة والاُمور الـمتدلّیـة إلـیٰ الـذات الأحدیـة الإلهیـة، ولا یمکن أن یحکم علیـه بالأحکام الـنفسیـة الاسمیـة، ولذلک یقال: هو تع الـیٰ محیط بالأشیاء، وأمّا ما هو ب الـحقیقـة إحاطتـه هو فعلـه الـفانی فیـه، الـساری إلـیـه أحکامـه وخواصّـه وآثاره، ولذلک یستند إلـیـه کلّ ذلک ب الـحقیقـة؛ لأنّ حقیقـة الاندکاک و الـفناء تقتضی ذلک.
فلیتدبّر فی هذا کلّـه حتّیٰ یتبیّن لک مشاکل الـمعارف الإلهیـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 200