الوجه الثامن
حـول مرجع ضمیر «فیه»
یظهر من الـقوم أنّ ما فی قولـه تع الـیٰ: «کُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ» اُموراً محذوفـة، والأصل هکذا: کُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ فیـه الـممشیٰ مَشَوْا فِیهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَیْهِمْ فیـه الـممشیٰ قَامُوا. والالتزام بهذه مُشکِل.
ویحتمل: أن یکون قولـه تع الـیٰ: «فِیهِ» بعد «مَشَوْا» راجعاً إلـیٰ الـوقت؛ لأنّ الـمشی لیس فی الـبرق، و الـممشیٰ محذوف، ولا یجوز عود الـضمیر إلـیٰ الـمحذوف.
وأنت خبیر بما فی هذه من الـبرودة فإنّ الـقرآن وکلمات الـبلغاء مشحونـة بالاستعارات و الـمجازات و الـحذف والإسنادات الاستعم الـیـة؛ لأنّ الـمخاطب الـفهیم یتوجّـه إلـیٰ الـمقصود من خلال هذه الـرموز.
هذا، مع أنّک عرفت فیما سبق: أنّ «کلّما» لا یحتاج إلـیٰ الـعائد، وأنّ رجوع الـضمیر إلـیٰ الـمحذوف ربّما یُعدّ من الـمحسّنات جدّاً، مع أنّ الـمرجع الـمحذوف یدلّ علیـه الـکلام، فیکون من قبیل قولـه تع الـیٰ: «اِعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَیٰ» هذا، مع أنّ حذف الـمفعول إشعار إلـیٰ أنّ
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 240 تحیّرهم کان فی شدّة، لا یقصدون مکاناً خاصّاً، وکانوا ط الـبی الـمجهول الـمطلق، وأنّـه «إِذَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا» حفاظاً علیٰ حیاتهم الـفردیـة والاجتماعیـة، «وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَیْهِم» الـطریق سکنوا ووقفوا أیضاً للحفظ و الـصیانـة.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 241