تذیـیل : حـول التکلیف بالمحال
من المسائل الخلافیة فی الکلام وفی الاُصول: أنّ الـتکلیف ب الـمحال هل یجوز أم لا؟ وقد استُدِلّ بهذه الآیـة أحیاناً علیٰ جوازه، فإنّ أدل شیء علیٰ إمکانـه وقوعـه، وفی هذه الآیـة تکلیف ب الـنسبـة إلـیٰ الـمؤمنین و الـکفّار، مع سبق إخباره تع الـیٰ بأنّهم لایؤمنون، وأنّهم عن ضلالتهم لایرجعون.
وأنت قد عرفت فی ذیل الآیـة الـسابقـة: أنّ هذه الإخبارات ربّما تکون لحثّ الـناس علیٰ الإیمان، ولیست الآیـة متعرّضـة لقضیـة شخصیـة حتّیٰ یلزم کذبها. هذا أوّلاً.
وثانیاً: إنّ ما هو الـمحال هو تکلیف الـکفّار ب الـعبادة بما هم کفّار، وأمّا تکلیف الـناس ب الـعبادة وفیهم الـکفّار، فلیس من الـتکلیف الـمحال ولا ب الـمحال؛ لما عرفت أنّ الـتکلیف الـقانونی الـعامّ جائز، ولا یقاس ب الـتکلیف الـشخصی و الـجزئی. هذا.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 319 وثالثاً: لا دلالـة ب الـصراحـة علیٰ الـعموم حتّیٰ یتمّ الاستدلال؛ لإمکان دعویٰ اختصاص الآیـة فی الـذین لم یُخبر اللّٰه تع الـیٰ عن ح الـهم، فتکون الآیات الـسابقـة قرینـة علیٰ صرف هذه الآیـة عن الـعموم والإطلاق، فاغتنم وکن علیٰ بصیرة من أنّ الأمر فی الآیـة إرشادی، لا تکلیف رأساً، کما مرّ، ولأجل ذلک ترکنا کثیراً من الـبحوث الـعلمیّـة هنا الـراجعـة إلـیٰ کیفیّـة فرض تکلیفـه تع الـیٰ للعباد، فلا تخلط.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 320