المسألة الثالثة
حـول جواز الاعتقاد بالوسائط العقلیة الکلیة
ربّما یقال: إنّ هذه الآیـة تدلّ علیٰ منع الاعتقاد ب الـوسائط الـعقلیـة الـکلّیـة؛ بزعم أنّها تنزّلات إلـهیـة، أو أنّها منبثقـة من الإلٰـه، أو أنّها مظاهره، أو بناء علیٰ مزاعم الـعقول الـعشرة، وأنّـه لا یمکن أن یصدر من اللّٰه إلاّ الـعقل الأوّل، تع الـیٰ اللّٰه عمّا یصفون، «فَلاَ تَجْعَلُوا لِلّٰهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ» وتعترفون بأنّـه الإلٰـه.
وهذه الـمق الـة من عقائد الـعامّـة ومن معتقدات الـشیعـة الإمامیـة إلاّ جملـة یسیرة منهم، فإنّ الـقائلین ب الـتوحید یعتقدون حسب الـنظر الأوّل: أنّ کلّ شیء مخلوق للّٰه تع الـیٰ بإرادة خاصّـة بـه بلا واسطـة، إلاّ مثل أفعال الـعباد، فإنّها معرکـة الآراء.
ولنا أن نسأل: بأنّـه إن جاز الاعتقاد ب الـواسطـة الـتی هی الـندّ عندهم فی الأفعال، فیجوز فی الـحوادث الاُخر، فإذا کانت الـبنایـة من الـبناء، فلیکن الـکُرة الـسماویـة من الـبناء الآخر، وإذا کان الـبناء الأوّل لا یُنافی الـتوحید
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 377 فلیکن الـثانی مثلـه، ولو لم یجز استناد الأفعال إلـیٰ الـعباد ـ کما یقول بـه الأشاعرة ـ استناداً واقعیّاً حقیقیّاً، فلا یجوز فی غیرها إلاّ أنّـه غیر ملتزمین بذلک، فلو أمکن الـجمع بین توحیده تع الـیٰ فی الـذات و الـصفات والاُلوهیـة و الـتأثیر، وبین کون الأفعال صادرة عن الـعباد لأمکن فی الـدائرة الـواسعـة ب الـضرورة، ویأتی فی محلّـه: أنّ قاعدة صدور الـواحد عن الـواحد تؤکّد الـتوحید، وعلیها بناء قانون الـعلّیـة و الـمعلولیّـة، فلا تکن من الـجاهلین.
کتابتفسیر القران الکریم: مفتاح أحسن الخزائن الالهیة (ج. 4)صفحه 378