المختار فی الجواب عن الاستدلال الثالث
والـذی هو حلّ الـشبهـة: هو أنّ بحث الـکشف والـنقل، مخصوص بما إذا کان الـعقد مستجمعاً لـجمیع الـشرائط إلاّ الإجازة، وأمّا إذا کان فاقد الـشرائط ومنها الإجازة، فإنّـه إذا أجاز فلا معنیٰ لـکونها کاشفـة أو ناقلـة بعدما لم یتمّ بعض الـشرائط الاُخر. وهکذا إذا تمّ الـشرائط قبل الإجازة، فإنّـه لا معنیٰ للبحث عن کاشفیّتها عن حین تحقّق الـعقد الإنشائیّ، بل لابدّ من الالتزام بالـکشف من حین تمامیّـة الـشرائط غیر الإجازة، فعلیٰ هذا یتعیّن الـقول بصحّـة الـعقد الـمزبور، ولا منع من الالتزام بالـکشف بعد الـتملّک بالاشتراء؛ لأنّ من الـشرائط مالـکیّـة الـمجیز الـبائع بالـضرورة.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 275 هذا، وقد مرّ منّا: أنّ الالتزام بالـتجزئـة فی الـکشف بحسب الأوقات الـمتوسّطـة بین الـعقد والإجازة، لازم مقالـة الـمحقّق الـرشتیّ قدس سره من الالتزام بالـرّضا الـتقدیریّ، وهو کان مختارنا أیضاً حسبما ذکرناه: من أنّ الإجازة أمر اختیاریّ بید الـمالـک، ولیست مسألـة الـکشف والـنقل من الأحکام الـثابتـة الـشرعیّـة أو الـعقلائیّـة.
إن قلت : الـتفکیک غیر صحیح؛ لأنّ مضمون الـعقد هو الـتأثیر من الأوّل، وهو غیر قابل لـلإجازة، وإذا أجاز فهو لایتعلّق بالـمضمون فیتخلّف.
وتوهّم: أنّ ممنوعیّـة الأثر لأجل الـمانع، کما فی الـعین الـمرهونـة، فاسد ضرورة أنّ هنا لأجل عدم الـمقتضی، فلایقاس بذاک، فما توهّمـه بعض الأعیان من الـمحشّین، غیر واضح سبیلـه.
قلت أوّلاً: لـیس مضمون الـعقد متقیّداً بذلک، وقد مرّ کلام الـمحقّق الـثانی و«الـجواهر» وما هو مرامهما فی الـمسألـة، وقد عرفت تمامیّـة ما أفاداه هناک؛ وأنّ إشکال الـشیخ وأتباعـه علیهما فی غیر محلّـه، فعلیـه أنّـه یکون مضمونـه مجرّداً عن الـزمان، ولکنّـه یستلزم قهراً الانتقال بعد وجوده؛ لاقتضائـه الـذاتیّ، فإذا کان لـجهـة من الـجهات ممنوعاً عن الـتأثیر، فلا منع من تعلّق الإجازة بـه بعد رفعها؛ لـعدم کونـه مخالـفاً لـمضمونـه، فلاتخلط.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 276 وثانیاً: لـو سلّمنا أنّـه متقیّد، فهو فیما کان جامعاً لـجمیع الـشرائط إلاّ الإجازة الـتی هی من شرائط الـوجود لا الـماهیّـة، ولا أظنّ الـتزامهم بأنّ مضمونـه ذلک؛ حتّیٰ فی الـشرائط الـدخیلـة فی ماهیّتـه الـمتأخّرة فی الـوجود، ومنها مالـکیّـة الـبائع الـمجیز؛ بناءً علیٰ کونها منها.
فتحصّل إلی هنا: أنّ هذه الـمسألـة غیر مخدوشـة من قبل هذه الـشبهـة أیضاً ، فتدبّر حقّـه.
لایقال: یجوز الـتفکیک والـتجزئـة بحسب الأوقات الـمتوسّطـة؛ إذا کان دلیل الـکشف غیر دلیل صحّـة الـعقد الـفضولیّ، فإنّـه عند ذلک یصحّ الـتصرّف فی الأوّل بالالتزام بالـکشف من حین الاشتراء.
وأمّا إذا کان دلیل الـمسألتین واحداً - وهو قولـه تعالـیٰ: «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» وأنّ الـهیئـة تدلّ علی الـصحّـة ، والـمادّة تدلّ علی الـکشف؛ ضرورة اقتضاء الـوفاء ترتیب الآثار من أوّل وجود الـعقد، وهذا معنی الـکشف الـحقیقیّ - فلا سبیل إلـی الـتجزئـة؛ لـلزوم عدم صحّتـه من الأوّل، ووجوبِ الـوفاء بـه بعد الاشتراء، وهذا غیر صحیح؛ فإنّ لازمـه تعدّد وجوب الـوفاء بحسب الآنات والأحوال، مع أنّـه لـزوم واحد مستمرّ.
لأنّا نقول: لـو سلّمنا جمیع الـمقدّمات الـمطویّـة فی تحریر هذه الـشبهـة، لانسلّم الـنتیجـة؛ لإمکان الالتزام بالـصحّـة من حین الاشتراء، وذلک لأنّ الـبحث فی الـفضولیّ لـیس حول شمول الأدلّـة قبل الإجازة، بل
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 277 الـبحث حول شمولها بعدها، فإذا کانت الإجازة بعد تحقّقها سبباً وکاشفةً عن الـنقل من حین الاشتراء، فلا منع من شمول الأدلّـة لـه؛ وأنّـه حکم واحد مبدأه حین الـعقد الـثانی، ومستمرّ إلـیٰ طروّ الإقالـة مثلاً، فلا وجـه لـتوهّم وجوب الـوفاء إلـی حین الـعقد الـثانی بالـعمومات، ثمّ إخراجـه بدلیل عقلیّ أو شرعیّ بل الأدلّـة قاصرة عن شمول مثل هذا الـعقد هذا وفیما قیل مواضع کثیرة من الـخلط لیست مخفیّـة علی الـمتدبّر فی مقالاتنا.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب البیع (ج. ۲)صفحه 278