التقسیم الثالث فی النفسی والغیری
تارة : ینسب إلی الشهرة أنّهم عرّفوا: «بأنّ الواجب النفسیّ : ماوجب لا لواجب آخر، والواجب الغیریّ: ما وجب لواجب آخر».
واُخریٰ : ینسب إلیهم «بأنّ الواجب النفسیّ: ما وجب لا للتوصّل به إلیٰ واجب آخر، والغیریّ: ما وجب للتوصّل به إلیٰ واجب آخر».
وثالثة : «أنّ الواجب النفسیّ: ما تعلّق به الوجوب لذاته؛ وبما هو هو، والواجب الغیریّ: ما تعلّق به البعث لا لذاته، بل للتوصّل به إلیٰ آخر».
ورابعة : علی المحکیّ عن تقریرات جدّی العلاّمة قدس سره «بأنّ القوم عرّفوهما بأنّ النفسیّ: ما اُمر به لنفسه، والغیریّ: ما اُمر به لغیره».
وحیث اعتقد «الکفایة» قصور الأخیر بعدم العکس فی الأوّل؛ لعدم شموله
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 129 إلاّ للمعرفة من الواجبات النفسیّة، وبعدم الطرد فی الثانی؛ لأنّ الواجبات النفسیّة غیر المعرفة تصیر غیریّة، لأجل ترتّب المصالح الاُخر علیها، فتجاوز عن هذا، وقال بما فی «التقریرات»: «وهو أنّ طلب شیء وإیجابه لایکاد یکون بلا داعٍ، فإن کان الداعی فیه هو التوصّل به إلیٰ واجب لایکاد التوصّل بدونه إلیه ـ لتوقّفه علیه ـ فالواجب غیریّ، وإلاّ فالواجب نفسیّ، سواء کان الداعی محبوبیّته الذاتیّة، کالمعرفة بالله ، أو محبوبیّته بماله من فائدة مترتّبة علیه، کأکثر الواجبات».
وحیث إنّ تفسیره للواجب النفسیّ مورد الإشکال؛ لأجل أنّ الإرادة الباعثة نحو الصلاة والصوم، معلولة لإرادة اُخریٰ سابقة علیها؛ وهی إرادة تحقّق تلک المصالح الکامنة تحت تلک الطبائع، فلاتکون هی إلاّ غیریّة، ولأنّ المحبوبیّة بمالها من الفائدة تستلزم کون الغیریّة نفسیّة أیضاً، عدل عنه الآخرون، حتّیٰ وصلت النوبة إلی السیّد المحقّق الاُستاذ البروجردیّ قدس سره.
فقال: «إنّ الواجب النفسیّ: عبارة عمّا توجّه إلیه نظر المولیٰ، ولاحظه بحدوده وأطرافه، ثمّ بعث العبد نحوه ببعث مستقلّ.
والواجب الغیریّ: عبارة عمّا لم یتوجّه إلیه بما هو هو بعث مستقلّ، بل البعث المتوجّه إلیه ظلّی؛ بناءً علی الوجوب الغیریّ».
وقال الوالد المحقّق ـ مدّظلّه : «إنّ البعث إذا تعلّق بشیء لأجل التوصّل إلیٰ مبعوث إلیه فوقه، فهو غیریّ، وإن تعلّق بشیء من غیر أن یکون فوقه مبعوث إلیه، فهو نفسیّ».
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 130