تذنیب : حول التفصیل فی وجوب المقدّمة بین السبب وغیره من المقدّمات
قد اُشیر آنفاً إلیٰ أنّ من الطائفة من فصّل بین السبب وغیر السبب. والمراد من «السبب» هو العلّة التی تکون هی مورد القدرة، دون المسبّب، ویتّحدان فی الوجود، ویختلفان فی اللحاظ والعنوان، ویعبّر عنه بـ «الأسباب التولیدیّة».
ولو کان المراد مطلق السبب والمسبّب، للزم دعویٰ: أنّ نوع الواجبات الشرعیّة من قبیل الأسباب والمسبّبات؛ لأنّ ماهو مورد القدرة ـ حتّیٰ فی مثل
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 280 الصلاة ـ بالذات هی الإرادة والحرکة، وأمّا وجود الصلاة بعنوانها الذاتیّ، فلا یتعلّق بها الإرادة، کما تحرّر فی الکتب العقلیّة بالنسبة إلی المرکّبات التألیفیّة، والاعتباریّة مثلها فی هذه الجهة، فإنّ الهیئة العرضیّة تعرض الخارج من غیر تعلّق الإرادة بها بالذات، والصورة الصلاتیّة مثلها، کما هو الواضح.
ونظر المفصّل إلیٰ أنّ معروض الوجوب النفسیّ، هو المطلوب النفسیّ، لا المطلوب الغیریّ وهو السبب، حتّیٰ یتوجّه إلیه ما أورد علیه المتأخّرون، فإنّه یفصّل فی وجوب المقدّمة، وما نسب إلیهم لیس تفصیلاً فی هذه المسألة.
فعلیٰ هذا، اُرید أمر آخر: وهو أنّ صحّة العقوبة علی المسبّب، غیر ممکنة بمجرّد تعلّق الأمر النفسیّ به، واختیاریّة السبب وإن کانت کافیةً لجعل المسبّب واجباً، ولکنّها لاتکفی لتوجیه العقاب نحوه فلابدّ من الأمر المصحّح لاستحقاق العقوبة؛ وهو الأمر الغیریّ، فإنّه وإن لم یکن ذا عقاب ولا ذا ثواب، ولکنّه مصحّح العقوبة علی المسبّب، وإتیان المسبّب مصحّح الثواب، لا السبب.
وأنت خبیر بما فیه أساساً. مع أنّ إثبات الإرادة الغیریّة، لایمکن إلاّ بما سبق.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 281