تنبیه : فی بیان محتملات استصحاب الشخصیّ
تارة: یکون النظر إلیٰ إجراء استصحاب الشخصیّ بالنسبة إلیٰ الموضوع الکلّی؛ وهو أنّ الصلاة إذا کانت واجبة علیٰ الاُمّة الإسلامیّة فی أوقاتها، ثمّ شکّ فی بقاء الوجوب المزبور بعد مضیّ الوقت علیهم، فهل یجری الاستصحاب أم لا؟
وهذا مورد الإشکال عندنا، وقد فرغنا من عدم جریان استصحاب الأحکام الکلّیة الإلهیّة ذاتاً، لا لأجل المعارضة کما تخیّله النراقی وغیره.
واُخریٰ: یکون النظر إلیٰ حال زید والشخص المعیّن، ولکن قبل مضیّ الوقت وأنّه علیٰ تقدیره، فهل یبقی الوجوب أم لا؟ فیه وجهان.
والذی یظهر هو الثانی؛ لأنّه یرجع إلیٰ الاستصحاب التعلیقیّ الاستقبالیّ، والاستصحاب الاستقبالیّ فی الشبهة الموضوعیّة غیر ممنوع، کاستصحاب بقاء رمضان إلیٰ یوم کذا، مع عدم مضیّ رمضان بعد، وأمّا الاستصحاب الاستقبالیّ فیما نحن فیه فیرجع إلیٰ التعلیقیّ؛ لعدم إمکان الشکّ الفعلیّ فی بقاء الوجوب بعد الوقت، إلاّ علیٰ تقدیر عدم الامتثال فی الوقت، وهذا التعلیق من التعلیق الاختراعیّ الممنوع جریانه فیه عندهم، فتدبّر.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 70 وثالثة: یشکّ بعد مضیّ الوقت، وهنا صورتان:
إحداهما: ما إذا لم یکن فی الوقت ملتفتاً إلیٰ هذه الشبهة، فإنّه یمکن إجراء الاستصحاب.
وثانیتهما: ما إذا کان ملتفتاً إلیها، فتجری البراءة بالنسبة إلیٰ ما بعد الوقت، ولا یمکن إجراء الاستصحاب؛ لأنّ مقتضی البراءة الشرعیّة هو التعبّد بعدم الحکم، فلا یعتبر لموضوع الاستصحاب محلّ. وهذا نحو من الحکومة الراجعة إلیٰ دفع الموضوع، لا رفعه.
وبالجملة: کما إذا شکّ فی الأقلّ والأکثر ـ بعد الإتیان بالأقلّ فی بقاء الوجوب، یکون الاستصحاب غیر نافع؛ لأنّ البراءة عن وجوب الأکثر دافعة للاستصحاب، وهذا من موارد تقدّم الأصل غیر المحرز علیٰ الأمارة والأصل المحرز، کذلک فیما نحن فیه إذا شکّ فی الوجوب خارج الوقت، فقضیّة البراءة عدمه، وإذا مضیٰ وشکّ فی بقاء الوجوب المزبور فلا یجری الاستصحاب؛ لانتفاء شکه تعبّداً واعتباراً، أی لا معنیٰ لأن یشکّ فی بقاء الوجوب علیٰ الطبیعة المزبورة، فلیتأمّل جیّداً.
وغیر خفیّ: أنّ فی الصورة الاُولیٰ من الصورتین الأخیرتین، إجراء الاستصحاب ـ علیٰ التقریب المزبور ممکن، ولکن بناءً علیٰ إجراء البراءة فی الوقت عن الوجوب خارج الوقت، یمکن أن یقال: بأنّ إجراءها فی الشبهات الحکمیّة لا یتقوّم بالشکّ الفعلیّ، بل لو کان یلتفت، ویکون غیر عالم بالواقع بحسب الثبوت، تجری البراءة، فتأمّل.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 71