وهم : حول حقیقة الأجزاء والشرائط ودفعه
قال العلاّمة المحشّی رحمه الله فی المقام : إنّ المساعد مع الاعتبار، بل الزائد علیه علیٰ ما یظهر منه إجمالاً، أنّ المرکّبات المشتملة علی الأجزاء والشرائط، تحتاج إلیٰ أمرین:
الأوّل : ما یتعلّق بالأجزاء الذهنیّة التی تکون دخیلة فی اقتضاء المرکّب.
والثانی : ما یتعلّق بالأجزاء التحلیلیّة التی هی الدخیلة فی تأثیر المرکّب.
ولایکون هذه الأجزاء التی یعبّر عنها بـ «الشرائط» فی عَرْض تلک الأجزاء، ولایعقل حینئذٍ ـ بحسب اللبّ ـ تعلّق الإرادة بذات السبب وشرائطه فی عَرْض واحد، فله الأمر حینئذٍ بذات السبب، والأمر بکلّ واحد من الشرائط مستقلاًّ. وعدم سقوط الأمر الأوّل مع عدم الإتیان بالأمر الثانی، من لوازم الاشتراط، من دون فرق بین القربة وغیرها، انتهیٰ ببیان منّا.
وأنت خبیر : بأنّ هذا الذی أفاده، کأنّه مأخوذ من المرکّبات الخارجیّة التکوینیّة وشرائطها، التی ترجع إلیٰ مقام تأثیرها، مثلاً النار من المرکّبات فرضاً، والأجزاء التی تحصّلها هی المادّة والصورة، ولکن شرائط تأثیرها خارجة عنها فی مرحلة الماهیّة، ولاحقة بها فی مقام العلّیة والتأثیر، ففیما نحن فیه والمرکّبات الاعتباریّة أیضاً، یکون الأمر مثلها.
وهذا هو الذی احتملناه فی رسالة حرّرنا فیها مسائل «قاعدة لاتعاد»، وذکرنا هناک: أنّ لازم هذا التحریر والتقریر، عدم وجوب الإعادة علیٰ من أخلّ بالشرائط؛ لأنّها شرط کون الصلاة ناهیة عن الفحشاء، کما صرّح به العلاّمة المزبور.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 140 ویبعد التزامه بذلک جدّاً، کما یستبعد التزامه بأنّ اللاّزم، کونها ناهیة عن الفحشاء بنحو العامّ الاستغراقیّ، ولا شبهة فی أنّ کثیراً من صلواتنا، لاتکون من الناهیة عن الفحشاء جدّاً، ونعوذ بالله تعالیٰ.
فعلیه یسقط الوهم المزبور، ویکون جمیع الأجزاء داخلة فی الماهیّة من غیر فرق بینها. ومجرّد کون بعض منها من الأجزاء الأوّلیة، وبعضها من الثانویّة فی الاعتبار، لایستلزم ترتّبها فی مقام الجعل والتشریع، فلاتخلط.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 141