کلام المحقّق العراقی فی المقام وجوابه
ذهب صاحب «المقالات» العلاّمة الأراکیّ رحمه الله فی بدو الأمر إلی الامتناع فی
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 141 المسألة، ثمّ قال: «ویمکن أن ننفرد عنهم بتحریر، یفید إمکان أخذ قصد الامتثال أو دعوة الأمر فی متعلّق شخصه شرطاً، أو شطراً، وذلک یتوقّف علیٰ تمهید مقدّمة.
وإجمالها : أنّ الطلبات العَرْضیّة، کما یمکن إیجادها بإنشاء واحد، کما فی قوله: «أکرم العلماء» کذلک یمکن إیجاد الطلبات الطولیّة بإنشاء واحد، کما فی قوله: «صدّق العادل» فإنّه بإنشاء واحد یوجد الوجوبات المتعدّدة؛ بحیث یکون أحد الأفراد، محقّقاً لموضوع الفرد الآخر، فموضوعه «خبر العادل» المحقّق وجداناً، أو تعبّداً. وبذلک البیان تنحلّ الشبهة المعروفة فی الإخبار مع الواسطة؛ حیث إنّ فی تطبیق الکبری الشرعیّة، لابدّ من أمرین:
أحدهما : تشخیص صغراها.
ثانیهما : کونه ذا أثر شرعیّ.
وفی مثل خبر الشیخ، عن الصفّار، عن زرارة، عنه علیه السلام لایمکن تطبیقها؛ لا فی مبدأ السلسلة، ولا فی وسطها، ولا فی آخرها:
أمّا فی المبدأ، فلعدم الأثر الشرعیّ.
وأمّا فی المختم، فلعدم الموضوع الوجدانیّ.
وأمّا فی المتوسّط، فلعدمهما. وتکفّل دلیل «صدّق العادل» لإثبات موضوع نفسه، غیر ممکن إلاّ بطریق اُشیر إلیه.
إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّه یمکن أن ینشئ المولیٰ وجوبین طولیّین؛ أحدهما یحقّق موضوع الآخر بإنشاء واحد، کما لو قال: «صلّ مع قصد الأمر» أو «مع قصد امتثال وجوب الصلاة» فتکون هذه العبارة ونحوها إنشاء واحداً لوجوبین:
أحدهما : متعلّق بالحصّة المقارنة لدعوة الأمر.
وثانیهما : وجوب إتیان تلک الحصّة بدعوة أمرها. وبذلک ترتفع المحاذیر
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 142 المزبورة طرّاً» انتهیٰ.
أقول : ممّا اشتبه علیه أنّه ظنّ أنّ البیان المزبور، یؤدّی إلیٰ إمکان أخذه فی متعلّق الأمر الشخصیّ، وقد عرفت: أنّ ذلک من الممتنع علی الشارع المقدّس، وإن کان لنا تصویره فینا.
وقد خلط رحمه الله بین الأمر الشخصیّ، ووحدة الأمر وتعدّده؛ فإنّه فی المثال الذی أفاده، لایکون المأخوذ فی المتعلّق إلاّ عنواناً ومفهوماً من الأمر تصوّراً، وهذا لیس الأمر الشخصیّ بالضرورة.
ثمّ بعد مفروعیّة تمامیّة المقدّمة، لایتمّ المقصود بالأصالة؛ وذلک لأنّ معنی الطلبات الطولیّة، کون أحد الطلبین تامّاً، کما فی الطلبات العرضیّة، وإذا کان أحد الطلبات الطولیّة تامّاً، فلابدّ من سقوط الوجوب، ومعنی الطولیّة أنّ بسقوط الوجوب المتقدّم رتبة، لایبقیٰ محلّ وموضوع للوجوب الآخر، وهذا فیما نحن فیه باطل بالضرورة؛ لأنّ إتیان الطبیعة الخالیة عن القید، لایکون مطلوباً رأساً، فلا طلب إلاّ واحد متعلّق بالمقیّد، فلا تعدّد فی الطلب حتّیٰ یکون طولیّاً، أو عرضیّاً، فلایستنتج من تلک المقدّمة ما قصده وأراده، فتدبّر.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 143