إیقاظ : فی استدلال الشیخ الأعظم بقاعدة الإجزاء لأصالة التوصّلیة
المحکیّ عن الشیخ الأعظم قدس سره فی تقریراته التی تنسب إلیه ـ وهی لجدّی العلاّمة النحریر الشیخ أبی القاسم الکلانتر قدس سره ـ : «أنّ قاعدة الإجزاء تقضی بأصالة التوصّلیة؛ وعدم اعتبار قصد الأمر، حیث إنّ الأمر لم یتعلّق إلاّ بذات الأجزاء والشرائط، من دون أن یکون له تعلّق بقصد الامتثال، ولا غیر ذلک من الدواعی، فعلیه یسقط الأمر بمجرّد التطابق قهراً وطبعاً» انتهیٰ.
وفی تقریر العلاّمة الکاظمیّ رحمه الله: «أنّ هذا الکلام بمکان من الغرابة؛ لوضوح أنّ قاعدة الإجزاء إنّما تکون إذا اُتی بجمیع ما یعتبر فی المأمور به، وهذا إنّما یکون بعد تعیین المأمور به. ومن مجرّد الأمر بذات الأجزاء والشرائط، لایمکن تعیین المأمور به.
نعم ، لو کان للأمر إطلاق أمکن تعیینه من نفس الإطلاق ، ولکنّه مفروض
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 159 العدم».
أقول : ما أورده علیه خالٍ من التحصیل؛ ضرورة أنّ حدود المأمور به، تابعة لحدود ما تعلّق به الإنشاء، فلا یعقل أوسعیّة المأمور به عمّا تعلّق به الأمر، ولا أضیقیّـته بالضرورة.
وبعبارة اُخریٰ : المأمور به لایکون ذا مرتبتین: مرتبة الثبوت، ومرتبة الإثبات، بل المأمور به ذو مرتبة واحدة؛ وهی مرتبة الإثبات، لأنّ الأمر لایکون إلاّ ذا مرتبة واحدة؛ وهی مرتبة الإثبات، فإذا تعلّق الأمر إنشاءً بالصلاة مثلاً، فهی المأمور به، ولا یعقل کون المأمور به أمراً آخر، أو هی مع قید آخر وإن امتنع أخذ القید المزبور.
نعم، الغرض یکون أضیق، والمرام یکون أخصّ، وهو خارج عن محیط الأمر والمأمور به، فلابدّ من القول بسقوط الأمر قهراً وتبعاً، ولیس هذا إلاّ ماهو المطلوب من أصالة التوصّلیة.
والذی هو التحقیق : أنّه مع احتمال عدم سقوط الأمر؛ لأجل عدم الإیفاء بالغرض الباعث إلی الأمر، وأنّ من الممکن تضییق المرام، وهو لایحصل إلاّ بإتیان ما هو الوافی به، لایمکن العلم بالسقوط إلاّ بالتمسّک بأحد أمرین: إمّا الاطلاق، وهو مفروض العدم، أو البراءة، فلایکون هذا من الدلیل الاجتهادیّ علیٰ أصالة التوصّلیة الذی هو محلّ النظر للمستدلّ، وهو المقصود بالبحث هنا، فافهم ولاتخلط.
هذا، واستدلّ السیّد الاُستاذ الفشارکیّ علیٰ أصالة التوصّلیة: «بأنّ الهیئة عرفاً تدلّ علیٰ أنّ متعلّقها تمام المقصود؛ إذ لولا ذلک لکان الأمر توطئة وتمهیداً لغرض آخر، وهو خلاف ظاهر الأمر». انتهیٰ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 160 وإنّی بعد التدبّر، ما فهمت مغزیٰ کلامه؛ إذ الملازمة المزبورة ممنوعة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 2)صفحه 161