حول بیان النفی الادعائی فی «لا ضرر»
بقی فی المسألة أنّه نفی ادعائیّ، ولیس من حذف المضاف، وحیث إنّ الادعاء یحتاج إلی المصحّح، وقع القائلون به فی حیص وبیص؛ ضرورة أنّ فی الإسلام جملة من المشروعات والقوانین الضرریّة بذاتها، کالکفّارات، والحجّ، والجهاد.
وقد تصدی الوالد المحقّق ونحن فی رسالتنا لهذه المسألة من هذه الجهة، إلاّ أنّه لا یمکن تکمیل الادعاء المذکور کما هو الواضح. ولا وجه لاختصاص القاعدة بغیر القوانین الضرریّة فی أصل جعلها بعد إطلاق الادعاء، فعندئذٍ یتبیّن أمران:
أحدهما: أنّ «لا ضرر» نفی، ولکنّه مجمل، ویکون نفیاً بالقیاس إلیٰ دفع توهّم ضرریّة القوانین الضرریّة بذاتها، فإنّها بحسب الشخص والزمان والمصر والعصر ولو کانت ضرریّة، إلاّ أنّها نافعة بالقیاس إلی النوع، وبحسب الحضارة الإسلامیّة الأبدیّة، وبالنظر إلی المصالح الدنیویّة العامّة والاُخرویّة.
وثانیهما: أنّ «لا ضرار» نهی، ویستنبط منه ما ذکرناه بالنسبة إلی الإطلاقات والعمومات.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 290 وإن أبیت عن ذلک فـ «لا ضرر» مجمل، و«لا ضرار» مبیّن، إلاّ أنّه لا یمکن إلغاء الأحکام الضرریّة بذاتها بالضرورة، بخلاف کشف محدودیّة الإطلاقات والعمومات حتّیٰ بالنسبة إلیٰ إطلاق تلک الأحکام، فلیتأمّل جیّداً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 291