الأمر الثالث : فی توقف الاعتبارات علی الاحتیاج العقلائی
إنّ ما یقرع سمعک فی العلوم الاعتباریّة من المفاهیم البسیطة والمرکّبة، کلّها
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 429 نقشة الاُمور التکوینیّة، ولا تجد ـ حسب الاستقصاء ـ ابتکار مفهوم فیها من المفاهیم فی المعاملات والعبادات، ومفاهیم الأجزاء بالحمل الأوّلی، والمرکّبات بالحمل الشائع، بل کلّ هذه الاُمور الاعتباریّة اتخذت من الاُمور التکوینیّة.
مثلاً: مفهوم «الملکیّة» اتخذ من الملکیّة الحقیقیّة الثابتة لله تعالیٰ، أو للنفس بالنسبة إلیٰ قواها، ومفهوم «المبادلة» فی البیع الاعتباریّ اتخذ من التبادل الخارجیّ، ومفهوم «السبب، والسببیّة، والنکاح، والزواج، والطلاق» من مصادیقها الخارجیّة البدویّة، ثمّ بعد اتساع دائرة الحضارة البشریّة، اتسعت مصادیق اعتباریّة لتلک العناوین، التی نالتها العقول عن الخارج بسبب الإحساس واللمس.
وعلیٰ هذا، لو اعتبرت السببیّة أو الحجّیة أو الجزئیّة أو الکلّیة والحرّیة وغیر ذلک، فکلّها ناشئة عن الاحتیاج فی الحضارة والمدنیّة، ولأجل ذلک ـ احتمالاً ـ قالوا فی حجّیة غیر القطع بالتنزیل، مع أنّ الأمر لیس کذلک، بل اتسعت مصادیق الحجّة للحاجة إلیها.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 430