الأمر الخامس : فی بیان أنحاء التعلیقات
إعلم: أنّ التعلیقات علیٰ أقسام:
فمنها: التعلیقات الشرعیّة المنصوص علیها وإن کانت من قبیل الواجبات المعلّقة المصطلح علیها فی المجلّد الأوّل، کما عن صاحب «الفصول».
ومنها: التعلیقات الاختراعیّة بالنسبة إلی الأحکام التکلیفیّة أو الوضعیّة، کالأمثلة التی عرفت، مثل إرجاع القضیّة المقیّدة إلی الشرطیّة، کما إذا ورد «إنّ الرقبة المؤمنة واجب عتقها» فإنّه یرجع إلیٰ أنّه لو کانت هذه الرقبة مؤمنة لوجب عتقها، ویشکّ فی الوجوب المذکور.
ومثل أنّه کان إذا ذهب ثلثاه بالنار یطهر ویحلّ، فالآن هذا المعنیٰ أیضاً کذلک.
أو أنّه کان إذا یسجد علیٰ هذا الشیء صحّت سجدته، والآن بعد ما صار مطبوخاً کما کان. أو کان إذا یصلّی فیه صحّت صلاته، والآن بعد ما صار موطوءً أیضاً حلّت الصلاة فیه وصحّت. وفی شرعیّة بعض ما ذکرناه إشکال، بل منع.
ومنها: الاختراعیّة والابتکاریّة بالنسبة إلی الموضوعات، مثل أنّ هذا الماء کان إذا یتمّم بمنٍّ من الماء یکون کرّاً، وشکّ فی ذلک لاحتمال ذهاب مقدار منه قبل أن یتمّم به، ونتیجة الاستصحاب أنّه کرّ؛ لإتمامه بالمنّ وهکذا.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 545 أو أنّه کان إذا یخرج ویسافر من البلد الکذائیّ بمقدار ساعة یصیر مسافة وثمانیة فراسخ، ولکنّه لأجل احتمال سعة البلدة شکّ فی بقاء القضیّة الشرطیّة المذکورة.
وما تریٰ فی کتب جمع من الفقهاء فی العصیر العنبیّ، أو «رسائل» المحقّق الوالد ـ عفی عنهم من تکثیر الاحتمالات حول القضیّة الشرطیّة الشرعیّة، خالٍ من التحصیل؛ لأنّ المفروض کونها شرطیّة، لا تنجیزیّة، فکل الاحتمالات من رجوع القضیّة الشرطیّة إلیٰ سببیّة المفارقة أو الغلیان لوجوب البیع وحرمة العنب، أو رجوعها إلی جعل الملازمة والتلازم بینهما، أو غیر ذلک، خلاف المفروض فی الجهة المبحوث عنها.
مع أنّه ربّما یکون الشرط والقید أمراً عدمیّاً، ولا یعقل سببیّته؛ ضرورة أنّ الجهة المبحوث عنها هنا هی الشکّ فی بقاء الحکم التعلیقیّ؛ لعدم تحقّق الشرط، أو الشکّ فی ذلک علیٰ ما عرفت فی الأمر الرابع. کما أنّه فی الاستصحاب التنجیزیّ، یکون البحث فی صورة الشکّ فی بقاء الموضوع بعد ما کان معلوماً، أو فی بقاء الحکم.
فالکلام هنا یکون بعد العلم بالکبری الکلّیة فی الجملة فی صورة الشکّ فی بقاء الحکم، وفی الشبهة الحکمیّة، أو بعد العلم بالکبری الکلّیة مطلقاً فی الشبهة الموضوعیّة، بعد ما کان الموضوع المشکوک البقاء معلوماً سابقاً علیٰ نحو التعلیق فی الفرضین، وهکذا فی الوضعیّات الشرعیّة أو الاختراعیّة، وأوضح من ذلک التعلیقات الاختراعیّة بالنسبة إلی الموضوعات التکوینیّة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 546